للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أكبر ثغور البحر المتوسط بعد ما أصابها من اضمحلال لقلة السفن الفرنسية. وبعد عشر سنين من الخبرة والتشاور والعمل الشاق أصدر كولبير (١٦٨١) قانوناً بحرياً للسفن والتجارة الفرنسيتين، ما لبثت الأمم الأخرى أن طبقته. ثم نظم التأمين على الرحلات التجارية الخطرة وراء البحار. وبارك اشتراك فرنسا في تجارة الرقيق، ولكنه جاهد ليلطف من قسوتها باللوائح الرحيمة (٧٠).

وقد شجع الارتياد الجغرافي وإنشاء المستعمرات، أملاً في أن يبيعها السلع المصنوعة نظير خاماتها، ويستخدمها روافد لبحرية تجارية قد تكون ذات نفع في الحرب. وكان المستعمرون الفرنسيون منتشرين فعلاً في كندا، وغرب أفريقيا، وجزر الهند الغربية، وفي طريقهم إلى داخل مدغشقر، والهند، وسيلان. وارتاد كورسيل وفونتناك البحيرات العظمى (١٦٧١ - ٧٣). وأسس كادياك مستعمرة فرنسية كبيرة فيما هو الآن ديترويت. واستكشف لاسال المسسبي في ١٦٧٢ (بعد أن منح احتكار تجارة الرقيق في الأقاليم التي يفتحها)، وهبط فيه في مركب هزيل، فوصل إلى خليج المكسيك بعد شهرين من رحلة حافلة بالمغامرات. واستولى على الدلتا وأطلق عليها اسم الملك. فسيطرت فرنسا على واديي السانت لورنس والمسسبي في قلب أمريكا الشمالية.

جملة القول- ونحن لم نسجل غير جزء من نشاط كولبير، وقد أغفلنا الحديث عن جهوده في سبيل العلم والأدب والفن- أن حياة هذا الرجل كانت من أعظم ما سجله التاريخ تفانياً في العمل وسعة في الانتشار. فلم يعرف الناس منذ شارلمان ذهناً واحداً مثل ذهنه من صنع جديد على هذا النحو دولة بهذه العظمة في نواح بهذه الكثرة. صحيح أن هذه اللوائح والنظم كانت مزعجة، وقد نفرت الناس من كولبير، ولكنها شكلت القالب الاقتصادي لفرنسا الحديثة، ولم يفعل نابليون أكثر من مواصلة جهود