الجهد الذي بذله للتوسع التجاري بإصداره اللوائح المعقدة التي استهدفت إصلاح ما فسد ولكنها عرقلت التجارة إلى حد تعطيلها أحياناً. قال (هو أو أحد نقاده)"أن الحرية روح التجارة، فعلينا أن نترك الناس ليختاروا أنسب الطرق لهم". ( Il Faut Laisser Faire les Hommes) (٦٩) ، وهنا عبارة قدر لها أن تصنع التاريخ.
وقد جاهد ليفتح مسالك جديدة للنقل الداخلي. فبدأ مجموعة من الطرق الرئيسية الملكية، وكانت حربية في هدفها الأول؛ ولكنها كانت إلى ذلك نعمة على التجارة عامة. كان السفر بالبر لا يزال شاقاً بطيئاً. مثال ذلك أن مدام دسفينيه استغرقت ثمانية أيام في رحلة بالمركبة من باريس إلى ضيعتها في فيتريه ببربتاني وبناء على اقتراح من بيبربول دريكيه، استخدم كولبير اثني عشر ألف رجل في حفر قناة لانجدوك الكبرى، التي بلغ طولها ١٦٢ ميلاً، وارتفعت أحياناً إلى ٨٣٠ قدماً فوق سطح البحر، ولم يحل عام ١٦٨١ إلا وقد اتصل البحر المتوسط بخليج باسكاي عن طريق الرون والقناة والجارون، واستطاعت تجارة فرنسا أن تتجنب المرور بالبرتغال وأسبانيا.
وكان كولبير ينظر بعين الحسد إلى الهولنديين الذين ملكوا خمسة عشر ألف سفينة تجارية من بين الآلاف العشرين التي تمخر العباب، على حين لم تملك فرنسا منها سوى ستمائة. ومن ثم بنى شيئاً فشيئاً البحرية الفرنسية حتى بلغت سفنها ٢٧٠ بعد أن كانت لا تتجاوز العشرين، وأصلح المرافئ وأحواض السفن، وألزم الرجال في غير هوادة بالانخراط في سلك البحرية، ونظم أو أصلح الشركات التجارية بجزر الهند الغربية، والشرقية، وبحر المشرق، والبحار الشمالية. ومنح الشركات امتيازات الحماية، ولكن هنا أيضاً عطلتها اللوائح التي فرضها عليها تعطيلاً مدمراً. ومع ذلك نمت التجارة الخارجية، ونافست البضائع الفرنسية الهولندية أو الإنجليزية في البحر الكاريبي، والشرق الأدنى، والأوسط، والأقصى. وغدت مارسليا