للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب السادس

[الهجرة الكبرى]

الفصل الأول

[أسبابها ووسائلها]

لقد ضحينا في سبيل استكمال قصة إسبارطة وأثينة إلى قبيل واقعة مرثون بوحدة الزمان من أجل وحدة المكان. نعم إن مدن بلاد اليونان الأصلية كانت أقدم من المستعمرات اليونانية في بحر إيجة وفي جزائر أيونيان، وإن هذه هي التي أنشأت في كثير من الحالات المستعمرات التي سنصف حياتها هذه في هذه الفصول، ولكن عدداً من هذه المستعمرات أضحى بما حدث من انقلاب مربك في سياق الحوادث السوي أعظم شأناً من المدن التي أنشأتها وسبقتها في ثروتها وفنونها، وبذلك لم يكن الذين أوجدوا الثقافة اليونانية بحق هم اليونان أهل البلاد التي نسميها الآن بلاد اليونان، بل كانوا هم الذين فروا أمام الدوريين الفاتحين وحاربوا حرب المستيئسين ليُثبتوا أقدامهم على السواحل الأجنبية، وأنشأوا بفضل ذكرياتهم الميسينية وجهودهم العجيبة العلوم والفنون، والفلسفة والشعر، التي جعلت لهم قبل مرثون بزمن طويل المقام الأول في العالم الغربي؛ ثم أورثت المستعمرات أمهاتها من المدائن الأصلية الحضارة اليونانية.

وليس شيء في تاريخ اليونان أدل على حيويتهم من انتشارهم السريع