في غمرة الصراعات الداخلية-سياسية ولاهوتية-في العالم المسيحي أحس بعض المفكرين بالإزعاج والقلق من أن العناية الإلهية أطلت، في حياد ظاهر، على الصراع الأكبر بين المسيحية والإسلام. ولقد تم طرد الإسلام من أسبانيا، ولكن "دار السلام"(العالم الإسلامي) كانت لا تزال شاسعة مترامية الأطراف، ضمت أندونسيا وشمال الهند. والحق أن هذا كان عصر أسرة المغول الزاهر في دلهي (١٥٢٦ - ١٧٠٧). وضم الإسلام أفغانستان وآسيا الوسطى وإيران كلها "حيث آذنت عظمة الفن الفارسي بالغروب في هذه الحقبة. وإلى الغرب من إيران كانت دولة الإسلام هي الإمبراطورية العثمانية أو التركية-التي لم يكن ينافسها آنذاك في أتساع أطرافها الإمبراطورية الأسبانية، واحتفظت بالسيطرة على شواطئ البحر الأسود، وتحكمت في مصاب الدانوب، والدنيبر والدينستر، وساعدت حلفاءها خانات التتار، على السيطرة على القرم ومصب نهر الدون. واستولى الأتراك على أرمينيا وآسيا الصغرى وسوريا وبلاد العرب-الشرق الأدنى بأسره-وهناك كان في حوزتها أشهر مدن العالم القديم والوسيط، بابل، نينوى، بغداد، دمشق، أنطاكية طرطوس، أزمير، نيقية، مكة وبيت المقدس-حيث كان المسيحيون، بترخيص من المسلمين، يحجون إلى قبر المسيح. واستولوا في شرق البحر الأبيض على الجزر العظيمة قبرص ورودس وكريت، وكانت الأغلبية الساحقة في شمال أفريقية