ليتصور القارئ في خياله صورة ضياع ساكنة في أودية الجبال، ومروج فسيحة على منحدراتها، وبحيرات معلقة في وهاد التلال، وحقول خضراء أو صفراء تمتد إلى شُطئان البحار الزرقاء، وقرى وبلدان يخيم عليها السكون والخمول حين تسطع عليها شمس الظهيرة، فإذا مالت نحو المغيب انتعشت وسرت فيها الحياة، ومدن تحيط بها الأتربة والأقذار ولكن كل ما فيها جميل من أصغر الأكواخ إلى أفخم الكنائس الكبرى- لقد كانت هذه هي صورة إيطاليا منذ ألفي عام، ولا تزال هي صورتها في هذه الأيام. وقد تحدث بلني Pliny الأكبر عن بلاده (١) فقال عنها: "ليس على ظهر الأرض أو تحت قبة السماء بلاد تماثلها في جمالها وروعة مناظرها". وأنشد فيها فرجيل يقول:"هنا الربيع الدائم والصيف حتى في غير أشهره. هنا تلد الأنعام مرتين في العام، وتثمر الأشجار مرتين (٢) ". ولقد كانت أشجار الورد في بيستم Paestum تزهر في السنة مرتين، وكانت في شمال البلاد سهول خصبة كثيرة كسهول منتوا Mantua