ولكن أهم ما حدث في حكمه هو نمو البرلمان، ولعل إدوارد قد صار بغير رضاه أهم شخصية في أعظم ما حدث في إنجلترا من أعمال جليلة- وهو التوفيق، في الحكم وفي الأخلاق، بين الحرية والقانون.
[٤ - نشأة القانون]
وهذه الفترة- من فتح النورمان إلى إدوارد الثاني- هي التي اتخذ فيها قانون إنجلترا واتخذت فيها حكومتها الصورتين اللتين احتفظتا بهما حتى القرن التاسع. فقد أصبح القانون الإنجليزي قومياً للمرة الأولى بعد أن بسط القانون الإقطاعي النورماني سلطانه على القانون الإنجليسكسوني المحلي. فلم يعد القانون الإنجليزي بعدئذ هو قانون إسكس Essex أو مرسيا Mercia أو القانون الدنمرقي بل أصبح "قانون البلاد وعاداتها"، وإن من العسير علينا أن ندرك الآن ما تنطوي عليه هذه العبارة السالفة الذكر حين نطق بهما رانلف ده جلانفيل Ranulf de Glanville (المتوفى عام ١١٩٠)(٤٣). ولقد اشتهر القانون الإنجليزي والمحاكم الإنجليزية بفضل الدفعة القوية التي دفع بها هنري الثاني وبفضل قيادة جلانفيل كبير القضاة، اشتهرا بالإنصاف وسرعة الفصل في المنازعات (مع شيء من الفساد والرشوة) شهرة حملت ملوك أسبانيا المتخاصمين على أن يعرضوا منازعاتهم على محاكم إنجلترا (٤٤). ولربما كان جلانفيل هو مؤلف "رسالة في القانون" Tractatus de Legibus التي تعزوها إليه الرواية المأثورة، وسواء كان ذلك أو لم يكن فإن هذه الرسالة هي أقدم ما لدينا من الكتب في القانون الإنجليزي. وبعد نصف قرن من ذلك الوقت (١٢٥٠ - ١٢٥٦) أخرج هنري ده براكتن Henry de bracton أول خلاصة منظمة للقانون الإنجليزي في كتابه "في قوانين إنجلترا وعاداتها" Delegibus et Consuetudinibus Anglise وهو كتاب في خمسة مجلدات ومرجع من أهم المراجع في القانون الإنجليزي.