وكانت حاجة الملك المتزايدة إلى المال والجند هي التي أدت إلى اتساع الوتنجموت Witengemot الإنجليسكسوني حتى أصبح هو البرلمان الإنجليزي. ذلك أن هنري الثالث أراد أن يحصل على المال أكثر مما يرغب في أن يمدوه به، وألا يصبر حتى يوافقوا على طلباته، فاستدعى فارسين من كل مقاطعة لينضموا إلى البارونات والمطارنة في المجلس العظيم الذي عقد في عام ١٢٥٤. ولما تزعم سيمون ده منت فورت Simon de Montfort، وهو ابن محارب صليبي من الأسرة الألبجنسية، ثورة قام بها النبلاء على هنري الثالث في عام ١٢٦٤، أراد أن يضم الطبقات الوسطى إلى قضيته، فلم يكتف بدعوة فارسين من كل مقاطعة بل دعا أيضاً اثنين من المواطنين البارزين من كل قصبة مقاطعة أو كل بلدة لينضموا إلى البارونات في جمعية وطنية. وكان خليقاً بهؤلاء الرجال أن يستشاروا هل يؤدون المال أو يكتنفون بالكلام، وذلك لأن البلدان كانت آخذة في النماء، وكان التجار ذوي مال. وأفاد إدوارد الأول من المثل الذي ضربه له سيمون، فلما أن تورط في الحرب مع اسكتلندة، وويلز، وفرنسا في وقت واحد، اضطر أن يطلب المال من جميع طبقات الأمة، فدعا لهذا الغرض "البرلمان النموذجي" في عام ١٢٩٥ وهو اول برلمان كامل في تاريخ إنجلترا. وقال في مرسوم الدعوة إن "ما يمس الناس جميعاً يجب أن يوافقوا جميعاً عليه، وإن الأخطار العامة يجب أن تقابل بوسائل يتفقون عليها جميعاً"(٤٥). ولهذا دعا إدوارد اثنين من أهل "كل مدينة، وقصبة مقاطعة، وبلدة كبيرة" للحضور في المجلس الأكبر الذي سيعقد في وستمنستر، ونص على أن يختار أولئك الرجال ذوو المكانة من المواطنين في كل منطقة، ذلك أنه لم يكن أحد يحلم وقتئذ بحق الانتخاب العام في مجتمع لا تعرف القراءة فيه إلا أقلية صغيرة، بل إن "العامة" في "البرلمان النموذجي" نفسه لم يكن لهم من السلطان ما للأشراف. ولم يكن قد وجد بعد برلمان سنوي يجتمع بمحض