مرهف وحب إنساني للخير، وصديقاً ذكياً للآداب والفنون. "لقد بدا أن الجميع يشاركون الملكة في ولعها به"(٢٨). وفجأة أصيب بآلام لا تطاق في الأمعاء، واشتبهت الحاشية في أن يكون بوتمكين قد دس له السم، ثم مات رغم كل جهود الأطباء ورعاية كاترين المخلصة، ولفظ أنفاسه الأخيرة بين ذراعيها. وقضت ثلاثة أيام في عزلة وحزن. ونحن نسمع المرأة من خلف الحاكمة-والقلب من خلف التاريخ-في رسالة كتبتها في ٢ يوليو ١٧٨٤.
"خيل إلي أنني هالكة بعد هذه الخسارة التي لا تعوض … لقد عللت نفسي بأن سيكون العون لي في شيخوختي. كان مجاملاً، وتعلم الكثير، واكتسب كل ميولي … كان فتى أقوم على تربيته، وكان شاكراً، رقيقاً، طيباً" … إن لانسكوي لم يعد له وجود .. وباتت حجرتي وكراً فارغاً بعد أن كانت تفيض إشراقاً وبهجة، ولا قدرة لي إلا على جر نفسي إليها كأنني طيف من الأطياف .. لا أستطيع النظر إلى وجه إنسان دون أن يختنق صوتي … لا أستطيع أن أذوق النوم ولا الطعام .. ولست أدري ماذا يكون مصيري" (٢٩).
وظلت عاماً تحرم نفسها من العشاق، وأخيراً استسلمت لألكسيس أرمولوف، (١٧٨٥ - ١٧٨٦)، الذي ساء بوتمكين كثيراً فاستعيض عنه سريعاً بألكسيس مامونوف. ولكن سرعان ما زهد ألكسيس في خليلته ذات السبعة والخمسين، واستأذن في الزواج منالأميرة شرباتوف، واحتفلت كاترين بالعروسين في زفاف رسمي بالبلاط، ثم صرفتهما محملين بالهدايا (١٧٨٩)(٣٠). وآخر القائمة هو بلاتون زوبوف (٨٩ - ١٧٩٦) وكان ملازماً في حرس الخيالة، مفتول العضل دمث الطباع. وكانت كاترين شاكرة له خدماته، فاضطلعت بالإشراف على تعليمه، وانتهت بمعاملته معاملة الأم لابنها. وقد لازمها حتى مماتها.
[٣ - الفيلسوفة]
بين الحب والحرب، وسياسة الدولة والدبلوماسية، وجدت هذه المرأة المدهشة وقتاً للفلسفة. وقد تكون فكرة عن سمو المكانة التي بلغتها جماعة