"الفلاسفة" الفرنسيين حين نرى أكفأ حاكمين من حكام القرن الثامن عشر يعتزان بتبادل الرسائل معهم ويتنافسان على الظفر بثنائهم.
وكانت كاترين قبل ولايتها العرش بزمن طويل تستطيب أسلوب فولتير وفكاهته الذكية وعباراته المجردة من التوقير، وتحلم بأن تكون ذلك الحاكم "المستبد المستنير" الذي راود أحلامه. ولا بد أنها أعجبت بديدرو أيضاً، لأنها في سبتمبر ١٧٦٢ عرضت أن تطبع الموسوعة في سانت بطرسبرج إذا أمعنت الحكومة الفرنسية في حظرها. ولم يبق من الرسائل التي كتبتها لفولتير قبل ١٧٦٥ إلا واحدة، وقد ردت على أبيات أرسلها لها في أكتوبر ١٧٦٣:
"لأول مرة آسف على أنني لست شاعرة، وأن يكون ردي على أبياتك بالضرورة نثراً لا شعراً. ولكني أود أن أقول لك أنني منذ ١٧٦٤ مدينة بأعظم الفضل لك. فقبل تلك الحقبة لم أكن أقرأ شيئاً غير الروايات، ولكن حدق أن وقعت كتبك في يدي مصادفة، وبعدها لم أكف عن قراءتها، ولا رغبت في قراءة كتب أقل جودة في الكتابة أو أقل تثقيفاً … وهكذا لا أفتأ أعود إلى خالق ذوقي عودتي إلى أعمق أسباب تسليتي، وأؤكد لك يا سيدي إن كنت قد حصلت أي معرفة فالفضل فيها لك. وأنا الآن أقرأ مقالك "في التاريخ العام"، وبودي لو حفظت كل صفحة منه عن ظهر قلب"(٣١).
وظلت كاترين طيلة حياتها، أو حتى مماتهم، تراسل فولتير وديدرو ودالمبير ومدام جوفران وجريم وكثيرين غيرهم من وجوه الفرنسيين. وأسهمت في المال الذي جمعه فولتير لقضية كالاس وسيرفانس وقد أسلفنا القول أنها أمرت باستيراد شحنات كبيرة من الساعات من فرنيه، ومن الجوارب التي صنعها عمال فولتير، وأحياناً فولتير نفسه (إن جاز لنا أن نصدق الثعلب العجوز). وكان من بواعث فخره ن الرؤوس المتوجة أغدقت عليه أسباب التكريم، وقد كافأ كاترين بأن أصبح مندوبها الصحفي في فرنسا. وقد برأ ساحتها من الاشتراك في جريمة قتل بطرس الثالث، وكتب يقول "أعلم أن