ظل علم الطب وفنه يسيران في ركاب أئمة الطب من اليونان والعرب، على الرغم مما أحرزه التشريح من تقدم. ولم يكن لشهادة الحواس كبير وزن أمام كلمة جالينوس أو ابن سينا، لا بل إن فيساليوس نفسه قال حين ناقض تشريحه رأي جالينوس "لم أكد أصدق عيني". وكانت طبعات أو ترجمات جالينوس أو أبقراط تنشر المعلومات القديمة وتثبط القيام بالتجارب الجديدة-بالضبط كما كانت الجهود التي بذلها بترارك ورونسار لكتابة ملاحم فرجيلية تؤذي نبوغهما الفطري وتحرف مجراه. وحين أسس ليناكر كلية الطب التي أطلق عليها فيما بعد كلية الأطباء الملكية (١٥١٨)، كانت كتبها الرئيسية هي ترجماته لجالينوس.
وقد أفاد علاج الأمراض من العقاقير الجديدة المجلوبة إلى أوربا كالكينا، وعرق الذهب، والرواند، المجلوبة من أمريكا، والزنجبيل ولبان الجاوي من سومطرة، والقرنفل من جزر ملقا، والصبر من كوتشين الصينية، والكافور والزنجفر من الصين، ووسع هذا التطور استعمال النباتات الوطنية. وصنف فاليريوس كوردوس أول فارما كوبيا ألمانية (١٥٤٦)، وشاع علاج الزهري بنقيع خشب الغويقم المجلوب من جزر الهند الغربية، حتى أن آل فوجير جمعوا ثروة ثانية بحصولهم على احتكار بيعه في أملاك شارل الخامس الذي كان مديناً لهم.
على أن فقر جماهير الناس وقذارتهم كانا سبباً في تخلف الدواء عن المرض دائماً. وكانت أكوام القمامة أو روث البهائم تسمم الهواء، وتنتشر هنا وهناك في الشوارع أحياناً. وكان لباريس شبكة مجار أراد هنري الثاني إفراغها في نهر السين لولا أن ثناه