رجال البلدية عن هذه الفعلة بتبصيره بأن النهر هو مورد مياه الشرب الوحيد لنصف السكان (٦٧). وأنشئت في إنجلترا لجان للمجاري في عام ١٥٣٢، ولكن لم يكن فيها حتى عام ١٨٤٤ سوى مدينتين اثنتين تنقل فيهما القمامة من الأحياء الفقيرة على حساب الدولة.
أما الأوبئة فكانت أقل فتكاً منها في العصور الوسطى، ولكنها كفت- هي ووفيات النفساوات والأطفال- لتثبيت السكان عند حد لا يكادون يتجاوزونه. وقد اكتسحت الطواعين ألمانيا وفرنسا المرة تلو المرة بين عامي ١٥٠٠ و١٥٦٨. وانتشرت حمى التيفوس في إنجلترا في أعوام ١٤٢٢، و١٥٧٧ و١٥٨٦ نتيجة لهجرات القمل. واجتاح إنجلترا "المرض المعرق"- ولعله ضرب من الأنفلونزة-في أعوام ١٥٢٨ و١٥٢٩ و١٥٥١ و١٥٧٨؛ وألمانيا في ١٥٤٣ - ٤٥، وفرنسا في ١٥٥٠ - ٥١. وقيل إن هذا المرض فتك بألف شخص في بضعة أيام في كل من هامبورج وآخن (٦٨). وكان الناس يعزون الأنفلونزة إلى "تأثيرات" influences سماوية، ومنها اشتقت اسمها. وعاد الطاعون الدبلي إلى الظهور في ألمانيا في عام ١٥٦٢، ففتك بتسعة آلاف من بين سكان نورمبرج البالغ عددهم أربعين ألفاً (٦٩) - وإن جاز لنا أن نفترض المبالغة في جميع الإحصاءات الخاصة بالطاعون. أما جوانب الصورة الأكثر إشراقاً فهي تضاؤل الإصابة بالجذام وبعض الاضطرابات العقلية كرقصة سانت فيتوس.
وكان سير التطبيب أبطأ من سير المعرفة الطبية. فما زال دجاجلة الطب يملأون الأرض؛ وكان من اليسير الاشتغال بالطب دون الحصول على درجة جامعية برغم القوانين المقيدة. وكان أكثر الأطفال يخرجون إلى النور على أيدي القابلات. أما التخصص فلم