كانت كلمةُ (فن art) تُطلق في العصور الوسطى (أيام نظام الطوائف التجارية والصناعَّية) على أية حرفة، كما كانت كلمة (فنّان artist) تطلق على أيٍّ حرفي وقد تغير معنى الكلمتين في القرن الثامن عشر لأن الحرف ونظام الطوائف الحرفية قد حل محلهما صناعات وعمال صناعة، لقد أصبحت كلمة (فن) تطلق على الموسيقى والديكور وأعمال السيراميك (الخزف) والرسم والحفر والتصوير والنحت والعمارة، وأصبحت كلمة فنان تطلق على كل من يمارس واحداً أو أكثر من هذه الأعمال. وقد تغير أيضا معنى كلمة العبقرية أو النبوغ genius، فقد كانت تعنى شيئا من التميُّز الفطري، أو روحا متفوقة بشكل غير طبيعي، أما الآن فقد أصبحت بشكل متزايد تشير إلى القدرة الوطنية الفائقة أو المتعالية (والمتَّسمة بشيء من الغموض بمعنى أن أسبابها غير واضحةً تماما) أو يوصف بها مالكو هذه المقدرة. إنها كالمعجزة أو لنقل هبة من الله أو هي فعل من أفعاله. لقد أصبحت هذه الكلمة (العبقرية) أو (النبوغ) بديلا مناسبا لوصف (شخص) أو (حدث) متفرّد أو غير عادي
لقد أدَّى الانتقال إلى الصناعة (الحديثة) والتجارة وحياة المدن إلى مزيد من التدهور فيما يتعلق برعاية الأرستقراطية للفن. وعلى أية حال لابد لنا أن نذكر رعاية الأثرياء للشاعر وردزورث Wordsworth والشاعر كولردج Coleridge، وأن لورد إجريمونت Egremont فتح بيته المحاط بمزرعة، في بتورث Petworth للرسّام تيرنر Turner ليلجأ إليه هروبا من ضوضاء لندن. وكان جورج الثالث قد عاون في تأسيس أكاديميةالفنون الملكية Royal Academy of Art (١٧٦٨) بخمسة آلاف جنيه ومقار (جمع مقر) أنيقة في دار سومرست Somerset House . ولم يكن أعضاؤها الأربعون ليصبحوا خالدين بمجرد عضويتهم بها كنظرائهم الفرنسيين وإنما كان الواحد منهم يرقى إلى مرتبة النبالة (الأرستقراطية) بحصوله على لقب اسكوير (معناها الحرفي حامل الدروع Squire أو المبجّل المحترم) ورغم أن هذا اللقب لم يكن يرثه أبناؤهم، فقد ساعد على تحسين الوضع الاجتماعي للفنانين