يسرف المؤرخ على الدوام في التبسيط، ويتعجل فيعمد إلى حشد كبير من الأنفس والحوادث لا يستطيع قط ان يلم بها كل الإلمام أو يفهمها كل الفهم، ويختار من بينها عدداً قليلاً من الحقائق والوجوه يراها أطوع بقلمه من غيرها. وليس من حقنا أن نظن أن الفلسفة المدرسية معاني مجردة أزيلت منها آلاف الحقائق الغريبة؛ بل علينا أن ننظر إليها على إنها اسم غامض غير دقيق يطلق على مئات الفلسفات المتناقضة والنظريات اللاهوتية التي كانت تعلم في مدارس العصور الوسطى من أيام السلم في القرن الحادي عشر إلى أيام أكام Occam في القرن الرابع عشر. والمؤرخ يخضع اشد الخضوع وأثقله على نفسه بقصر الوقت ونفاذ الصبر الذي هو من طبيعة بني الإنسان؛ ويخط سطراً واحداً يحط به من قدر رجال خلدوا أسمائهم في أحد الأيام ولكنهم اختفوا الآن في طيات التاريخ. وكان من اعجب الشخصيات في القرن الثالث عشر المليء بذوي المواهب المتعددة من الرجال راومون لَلْ Ramon Lull او ريمند لَيْ Raymond Lully (١٢٣٢؟ - ١٣١٥) . ولقد وُلد في بالما لأسرة قطالية Catalan وشق طريقه إلى بلاط جيمس الثاني في برشلونة، واستمتع بشاب صاخب، ثم اخذ يضيق نطاق عشقه حتى اكتفى بزوج واحدة. ولما بلغ سن الثلاثين نبذ على حين غفلة ملاذ العالم، والجسم، والشيطان، ووهب نشاطه المتعدد النواحي للتصوف والمعارف الخفية، وحب الانسانية، والتبشير بالدين، والسعي للاستشهاد. ثم درس اللغة العربية، وانشأ كلية للدراسات العربية في ميورقة، وطلب إلى مجلس