وأعجب من هذا الوفاق بين البغاء والفلسفة اعتراف اليونانيين في غير حياء بالانحراف الجنسي. فلقد كان أكبر من ينافس العاهرات هم غلمان أثينة، وكانت العاهرات اللائي يسربلهن العار من قمة رءوسهن إلى أخمص أقدامهن لا يفتأن ينددن بما في عشق الذكور للذكور من فساد خلقي شنيع. ولقد كان التجار يستوردون الغلمان الحسان ليبيعوهم لمن يدفع فيهم أغلى الأثمان، وكان هؤلاء يُستخدمونهم في أول الأمر لقضاء شهواتهم ثم يتخذونهم فيما بعد أرقاء (٨٠). ولم يكن من بين الذكور في المدينة إلا أقلية ضئيلة تعتقد أن ثمة عيباً في أن يثير الشباب المخنثون أبناء الأشراف في المدينة شهوة شيوخها ويشبعوا هذه الشهوة. ولم تكن إسبارطة أقل استهتاراً من أثينة في هذا الشذوذ الجنسي، وشاهد ذلك أن ألكمان حين أراد أن يثني على بعض الفتيات سماهن "أصدقاءه - الغلمان الإناث"(٨١). وكانت الشرائع الأثينية تحرم من يمارس رذيلة اللواط من الحقوق السياسية (٨٢)، ولكن الرأي العام كان يتغاضى عن هذه العادة ويجيزها وهو هازل فكه؛ ولم يكن أهل إسبارطة أو كريت ينظرون إليها نظرة الاستنكار (٨٣)، وكان أهل طيبة يرون أنها معين لا ينضب للشجاعة وحسن النظام العسكري. وكان هرمديوس وأرستجيتون، وهما أعظم بطلين تعتز أثينة بذكراهما، من قتلة الطغاة وعشاق الغلمان. وكان ألسبيديز أحب الناس إلى الشعب الأثيني في أيامه، وكان يفتخر بكثرة من عشقه من الرجال. ولقد ظل "العشاق اليونان" إلى أيام أرسطاطاليس يعلنون ولاءهم لمعشوقيهم عند قبر أيولوس رفيق هرقل (٨٤)؛ ويصف أرستبس زنوفونَ قائدَ الجيوش الذي اشتهر