للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثاني

[المسلمون في الغرب]

١٠٦٨ - ١٣٠٠

توفي الملك الصالح آخر سلاطين الأيوبيين عام ١٢٤٩، وتغاضت أرملته وجاريته السابقة شجرة الدر عن مقتل ابن زوجها ونادت بنفسها ملكة. وأراد الزعماء المسلمون في القاهرة أن يوفقوا بين هذا ومقتضيات الشرف والرجولة فاختاروا مملوكاً آخر يدعى أيبك ليكون شريكاً لها في الملك وتزوجت به شجرة الدر، ولكنها ظلت هي الحاكمة، ولما حاول أن يستقل بالملك دونها عملت على قتله في الحمام (١٢٥٧)، ولم تلبث أن قتلتها جواري أيبك بالقباب، وكان أيبك قد عاش من العمر ما يكفي لإنشاء أسرة المماليك، وكان لفظ مملوك يطلق على الأرقاء البيض، وهم في العادة من الأتراك أو المغول الأشداء البواسل، الذين كان سلاطين بني أيوب يستخدمونهم في حرسهم الخاص، وأصبح هؤلاء فيما بعد ملوك مصر، كما أصبح أمثالهم ملوكاً في روما وبغداد، وظل المماليك يحكمون مصر، وبلاد الشام أحياناً؛ ٢٦٧ عاماً (١٢٥٠ - ١٥١٧) أريقت فيها كثير من دماء الاغتيال في عاصمة ملكهم؛ ولكنهم جملوها بآثار الفن. وقد أنجوا بشجاعتهم بلاد الشام وأوربا نفسها من المغول حين بددوا شملهم في واقعة عين جالوت (١٢٦٠)، وكانوا هم الذين أنجوا فلسطين من الفرنجة، وطردوا آخر محارب مسيحي من بلاد آسية، وإن لم ينالوا من وراء ذلك من الحمد ما نالوه بهزيمة المغول.

وكان أعظم سلاطين المماليك وأشدهم قسوة الظاهر بيبرس (١٢٦٠ - ١٢٧٧).