أقل شأناً من رتشرد الأول، ولويس التاسع، وفردريك الثاني. وجرى هؤلاء الحكام المسلمون جميعهم، بل وصغار الملوك أنفسهم، على سنة الخلفاء العباسيين في مناصرة الآداب والفنون، حتى لنجد في بلاطهم شعراء أمثال عمر الخيام، والنظامي، والسعدي، وجلال الدين الرومي، وبلغت العمارة في أيامهم درجة من الازدهار لم تبلغها قط من قبل، وإن كانت الفلسفة قد اضمحلت لتشددهم في الدين (١)؛ فقد طارد السلاجقة وصلاح الدين كل خارج على السنة من المسلمين، ولكنهم كانوا يعاملون اليهود والمسيحيين معاملة بلغ من تسامحها ولينها أن المؤرخين البيزنطيين يحدثوننا عن جماعات مسيحية تطلب إلى الحكام السلاجقة أن يأتوا إليهم ليطردوا حكامها البيزنطيين الظالمين (٧). وازدهر غرب آسية مرة أخرى مادياً، وأدبياً في عهد السلاجقة والأيوبيين حتى كانت دمشق، وحلب، والموصل، وبغداد، وأصفهان، والري، وهراة، وأميدا، ونيسابور، ومرو وقتئذ من أكثر مدن العالم ثقافة وجمالاً. وقصارى القول أن هذا العصر كان عصر اضمحلال متلألئ ساطع.
(١) لسنا نعتقد أن التشدد في الدين يحول دون التقدم في الفلسفة ولكن عدم فهم الدين على الوجه الصحيح هو الذي يحول دون تقدمها. (المترجم)