للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شمد Schmid إن كان لا يزال حيا، اسألوه نيابة عني ليصف مرضي وأضيفوا هذه الوثيقة لتاريخي المرضي، فلعل هذا يجعل العالم يتآلف معي بعد موتي ويلتمس لي العذر … إنني أرغب أن تكون حياتكم أفضل من حياتي، أوصوا أولادكم بالفضيلة فهي وحدها التي تتيح السعادة، هي وليس المال إنني أحدثكم عن خبرة وتجربة. إنها الفضيلة هي التي كانت سندي أيام بؤسي، فالفضيلة - بعد فني - هي منعتني من الانتحار. وداعا ولتتبادلوا الحب … إنني أسرع إلى الموت سعيداً.

وفي الهامش كتب:

" تقرأ وتوضع موضع التنفيذ بعد موتي "

إن هذه الوثيقة لم تكن وصية منتحر، وإنما تحوى في ثناياها اليأس والأمل (التصميم). لقد وجد بيتهوفن ضرورة تقبل المشاق والمتاعت التي يمر بهما لينقل لآذان أخرى غير أذنيه الموسيقى القابعة - في صمت - داخل وجدانه. لقد ألف، وكان لا يزال في هيلجنشتادت في نوفمبر ١٨٠٢ سيمفونيته الثانية (in D) ، ولم يكن فيها أثر لشكوى أو حزن، وبعد ذلك بعام واحد ألف سيمفونيته الثالثة (البطولة the Eroica) بعد صرخته النابعة من الأعماق، فدخل بهذه السيمفونية الثالثة مرحلته الثانية، وهي المرحلة الخلاقة الأكثر تميزا.

[٣ - أعوام بطولية أو أعوام سيمفونية البطولة]

THE HEROIC YEARS

١٨٠٣ - ١٨٠٩ م

قسم علماء الموسيقى الذين خاضوا هذه الصفحات المحيرة حياة بيتهوفن الفنية في ثلاث حقب: من ١٧٩٢ إلى ١٨٠٢، ومن ١٨٠٣ إلى ١٨١٦، ومن ١٨١٧ إلى ١٨٢٤. ففي الحقبة الأولى راح يعمل بشكل تجريبي على وفق أسلوب موزارت وهايدن، ذلك الأسلوب الهادئ الراسخ البسيط. وفي الحقبة الثانية ركز على مراقبة الأداء من حيث التمبو Tempo (درجة السرعة الواجب اعتمادها في العزف) وعلى البراعة في استخدام الأصابع، وعلى الفورس force (درجة القوة في العزف). لقد اكتشف التناقض في المود mood بين الرقة والقوة. لقد أطلق العنان لقدرته على الإبداع في الألحان على نحو يخالف المألوف كما أطلق العنان لنزعته للارتجال، لكنه أخضع هذا لمنطق الدمج والتناسب والتطور (المقصود تطور اللحن).

لقد غير (جنس sex) السوناتا والسيمفونية فقد حولهما من الرقة والمشاعر