للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأنثوية إلى الإرادة الرجولية والحسم، وكما لو أن يبتهوفن أراد إبراز هذا التغير في مسيرته فقد أعاد - الآن - المينيوت minuet في الحركة الثالثة مع شرزو Scherzo (موسيقى مرحة مازحة) تضحك في وجه القدر. لقد وجد بيتهوفن الآن في الموسيقى ردا على سوء الحظ: لقد أصبح بمقدوره أن يذوب في الإبداع الموسيقي بشكل يجعل موت جسده مجرد حدث عابر في حياة ممتدة (خلود الذكر). إنه يقول: "عندما أعزف أو أؤلف الموسيقى .. تخف أحزاني إلى أدنى درجة ". إنه لم يعد يسمع ألحانه الآن بأذنيه وإنما راح يسمعها بعينيه - بقدرة الموسيقى الباطنية على تحويل الأنغام التي يتخيلها إلى بقع وخطوط ثم يسمعها - بلا صوت - من الصفحات المكتوبة.

وتكاد كل أعماله الموسيقية في هذه المرحلة تصبح من الكلاسيكيات إذ ظهرت الأجيال المتعاقبة كذخائر (ريبورتوار repertoires) موسيقية أوركسترالية (المقصود أن الفرق المختلفة حفظتها وأتقنتها، وأصبحت على استعداد لأدائها في أي وقت). لقد ألف سوناتا الكروتسر Kreutzer sonata (الكروتسر عملة معدنية نمساوية صغيرة) slash مجموعة ألحان ٤٧ في سنة ١٨٠٣ لعازف الفيولين (الكمان) جورج بردجتور Bridgetower وأهداها إلى رودولف كروتسر Rodolphe Kreutzer مدرس الفيولين (الكمان) في كونسرفتوار باريس، وكان بيتهوفن قد قابله في فيينا في سنة ١٧٩٨، لكن كروتسر حكم على اللحن بالغرابة عن أسلوبه ومزاحه ولم ير أبداً عزفها على مسامع الجمهور.

واعتبر بيتهوفن أن أفضل سيمفونياته هي سيمفونية الأرويكا (البطولة) the Eroica التي ألفها في عامي ١٨٠٣ - ١٨٠٤. ونصف العالم يعرف قصة إهداء هذه السيمفونية - في الأساس - لنابليون. ورغم أن بيتهوفن كان له صداقات بين النبلاء وذوي المكانة، ورغم إهداءاته الحكيمة لأعماله، إلا أنه ظل إلى آخر حياته جمهوريا مصمما وقد هلل لنابليون لقبضه على زمام السلطة في فرنسا وإعادة تنظيم الحكم (١٧٩٩ - ١٨٠٠) واعتبر ذلك خطوة نحو الحكم المسئول، لكن بيتهوفن في ١٨٠٢ - على أيه حال - عبر عن أسفه لتوقيع نابليون وفاقا (كونكوردات Concordat) مع الكنيسة. لقد كتب بيتهوفن: " الآن انتكست الأمور" ويروي لنا شاهد عيان هو فرديناند ريس Ries قصة الإهداء السابق ذكره، فلنتركه يروي لنا: