الأسقف المسجون كاردينالاً، وعلى الرغم من أن فيشر أعلن إنه لم يسعَ إلى هذا الشرف، فإن هنري رأى وقتذاك في هذا التعيين تحدياً له. وفي ١٧ يونيه سنة ١٥٣٥ قدم الأسقف، وكان وقتذاك في عامه الثمانين، إلى محاكمة أخيرة ورفض مرة أخرى أن يوقع على قسم يعترف فيه بهنري رئيساً للكنيسة الإنجليزية، واقتيد في ٢٢ يونيه إلى كتلة على تل تاور. ووصفه شاهد عيان بأنه "جسد طويل أعجف، لا شيء فيه سوى الجلد والعظام، إلى حد أن معظم مَن شاهدوه دهشوا من رؤية رجل لا يزال فيه رمق من حياة، على الرغم من بلوغه هذا الحد من الوهن (٢٣) ".
وتلقى وهو على منصة المقصلة عرضاً بالعفو عنه إذا حلف اليمين فرفض وعلق رأسه المقطوع فوق جسر لندن. وقال هنري:"في وسعه أن يذهب الآن، إذا استطاع، إلى روما ويحصل على قلنسوة الكاردينال (٢٤) ".
ومع ذلك فقد بقي هناك مكابر عنيد أشد مراساً.
[٢ - مؤلف المدينة الفاضلة]
كان والد توماس مور محامياً ناجحاً وقاضياً بارزاً. وتلقى توماس تعليمه في مدرسة سانت أنطوني بلندن، وعمل وصيفاً لرئيس الأساقفة مورتون، وكان لهذا الفضل في تثبيت عقيدته المحافظة وتكامله وتقواه المرحة. وتنبأ مورتون، كما يقال لنا، بأن "هذا الطفل الذي يخدم هنا على المائدة … سوف يثبت انه رجل عجيب (٢٥) ". وذهب الشاب إلى أكسفورد وهو في الخامسة عشرة من عمره، وسرعان ما فتن بالأدب الكلاسي إلى درجة حملت والد الشاب على انتزاعه من الجامعة، لإنقاذه من أن يصبح أديباً خاوي الوفاض وبعث به لدراسة القانون في لندن، وكانت أكسفورد وكامبردج لا تزالان تستهدفان إعداد الطلاب للعمل في سلك الكهنوت. وكانت كلية