يمكن تعريف هندسة العمارة القوطية بأنها حصر ضغط البناء في أماكن خاصة، وتوازن هذا الضغط، وتوكيد الخطوط الرأسية، والقباب المضلعة، والأشكال المستدقة. وقد نشأ هذا الفن عن طريق حل المشاكل الآلية التي أوجدتها حاجة المباني الكنسية والأماني الفنية. ذلك أن خوف احتراق البناء أدى إلى إقامة القباب من الحجارة والآجر، وأن ازدياد ثقل السقف أوجب بناء الجدران السميكة والعامات السمجة، ووجود الضغط السفلي في كل مكان حدد سعة النوافذ، وأن الجدران السميكة ظللت النوافذ الضيقة، ولهذا أصبح داخل الكنيسة شديد الظلمة لا يتناسب مع جو البلاد الشمالية. وقد قلل اختراع القبة المضلعة ثقل السقف فأمكن بذلك إقامة العمد الرفيعة، وحصر التوتر في أماكن محددة، كما أن تركيز الضغط وتوازنه قد أكسبا البناء استقراراً من غير زيادة في الثقل، وحصر الارتكاز بطريق المساند قد سمح بوجود نوافذ طويلة في الجدران القليلة السمك، وكانت النوافذ مجالاً مغرياً لممارسة فن الزجاج الملون الذي كان موجوداً في ذلك الوقت، كما أن الإطارات الحجرية التي تعلو النوافذ المركبة قد شجعت على قيام الفن الجديد في النقوش الغائرة أو الرسوم السطحية، وجعلت عقود القباب مستدقة ليمكن إيصال العقود ذات الأطوال المختلفة إلى تيجانها بارتفاع واحد لها جميعاً، ثم جعلت العقود الأخرى وأشكال النوافذ مستدقة كذلك لتكون متناسقة مع عقود القبة. ولما تحسنت طرق احتمال الضغط على هذا النحو أمكن زيادة ارتفاع صحن الكنيسة، وأبرزت الأبراج