الكبيرة، وأبراج الأجراس الرفيعة، والعقود المستدقة أهمية الخطوط الرأسية وأنتجت ما يمتاز به الطراز القوطي من علو شامخ ورشاقة تبعث البهجة في النفوس. هذه الخصائص مجتمعة جعلت الكثدرائية القوطية أعظم ما أنتجته النفس البشرية وأجل ما عبرت به عن مشاعر.
لكننا نعدو طورنا إذا ادعينا أن في وسعنا أن نفرغ من وصف تطور العمارة في فقرة من فصل، ذلك أن بعض خطوات من هذا التطور جديرة بالبحث الهادئ على مهل. مثال ذلك أن مشكلة التوفيق بين الرشاقة الرفيعة والصلابة المستقرة قد حلتها العمارة القوطية أحسن مما حلها أي فن معماري قبل وقتنا الحاضر، ولسنا نعرف إلى متى يستطيع تحدينا لقوة الجذب أن ينجو من قدرة الأرض على تسوية لأعلاها بأسفلها. على أن المهندس القوطي لم يصب التوفيق والنجاح على الدوام، فإن تكن كنيسة تشارتر لا تزال قائمة سليمة من الشروخ، فإن موضع المرنمين في كثدرائية بوفيه تهدم بعد اثني عشر عاماً من بنائه، ولقد كان أهم ما يمتاز به الطراز القوطي هو الأضلاع في أجزاء البناء المختلفة: أضلاع العقود المستعرضة والممتدة على طول أقطارها، والتي ترتفع من كل فرجة بين أعمدة صحن الكنيسة، وتجتمع لتكون شبكة خفيفة رشيقة يمكن أن ترتكز عليها قبة رقيقة من البناء. وقد أضحت كل فرجة في الصحن وحدة بنائية قائمة بذاتها تتحمل الثقل والدفع الناشئين من العقود القائمة على دعاماتها، واللذين تساعد على تحملها ضغوط أخرى مقابلة لما تحدثها الفرجات المقابلة لهما في طرقات البناء وضغوط المساند الخارجية المركبة على الجدران في النقط التي يبدأ منها كل عقد مستعرض.
والمساند استنباط قديم، فقد كان لكثير من الكنائس التي شيدت قبل عهد القوط عمد مبنية تضاف إليها من خارجها عند النقط التي يقع عليها ضغط خاص. على أن الدعامات التي تصل جدران الأجزاء الداخلية والوسطى من البناء بالدعامات الرأسية للجدران الخارجية تنقل الدفع أو التوتر فوق فراغ