اتسمتا بالواقعية وقدمتا وصفا تفصيليا لاستغلال اللوردات الإنجليز للأيرلنديين لدرجة أن إنجلترا نفسها تأثرت وعملت على تخفيف هذه الشرور. ولم تتفوق عليها من نساء عصرها المؤلفات سوى امرأة واحدة فاقت الرجال جميعا.
٣ - جين أوستن JANE AUSTEN: من ١٧٧٥ إلى ١٨١٧ م
كل المغامرين في قصصها كانت هي وكيلة عنهم (تتحدث باسمهم)، وما دامت تجد في الحياة العادية للأرستقراطيين والمهذبين إغراء كافيا فلم تكن في حاجة لإضافة إلا ما هو قليل - فهذه الحياة العادية لهذه الطبقة كانت عامرة بنساء متعلمات حساسات مثلها. وكان أبوها قسّاً لأبرشية ستيفنتون Steventon في هامبشير Hampshire. لقد وُلدت - إذن - في بيت قس وعاشت فيه حتى بلغت السادسة والعشرين من عمرها. وفي سنة ١٨٠٩ قدم أخوها إدوارد لأمه وأخواته بيتا في شوتون Chawton.
وعاشت في هذا البيت حتى العام الأخير من عمرها وكانت تغير نمط حياتها البسيط بالقيام بزيارات لإخوتها وبالإقامة في لندن. وفي مايو سنة ١٨١٧ ذهبت إلى ونشستر Winchester لتعالج من مرض ألم بها فقضت نحبها في ١٨ يوليو عن عمر يناهز الواحدة والأربعين ولم تكن قد تزوجت.
وقد أعطت لحياتها معنى وأضفت عليها تشويقا بالحب الأخوي الذي جعل خطاباتها دافئة، بفكاهاتها الساخرة الخفيفة التي يشع منها الذكاء تلك الفكاهات التي تقتنص ما في الحياة من سخف وقلق باطني، ثم إنها راحت تصور كل هذا دون مرارة، ومما أضفى أيضا على حياتها معنى سعادتها بمشاهد الريف وإيقاع الحياة السهل فيه. وكان لديها من الأسباب ما يكفي لتكره مدينة لندن فهي لم تقدم لنا صورة مشوقة لها وإنما عرضت الحياة فيها توسط بين الفقر المزري والفساد المتأصل وصورتها كمكان لا تأتي إليه البنات الريفيات إلا ليتعرضن للاغتصاب. لقد شعرت أن أفضل أنواع الحياة في إنجلترا هي حياة الطبقة الأرستقراطية الدنيا في الريف الإنجليزي.
ففي بيوتهم تراث متوارث وانضباط يؤدي إلى شيوع الاستقرار والرضا والقناعة. وفي هذا الجو المشبع سلاما قلما يسمع المرء عن الثورة الفرنسية، ونابليون في هذا الوسط غول أو شبح بعيد جدا، إنه أبعد ما يكون عن انتزاع المرء