من أشغاله الأكثر أهمية المتمثلة في اختيار الشريك المناسب ليُراقصه أو ليعيش معه. وفي بيوت هذه الطبقة يجد المرء للدين مكانا يحفظه إذ إنهم نزعوا من الدين ما يجعله يسبب الرعب نتيجة التكلف الباطني (المقصود غالبا المصطنع) الذي قد يزدهر في بيت قسيس. ولم تكن الثورة الصناعية قد وصلت بعد إلى الريف لتغيظ الطبقات وتشوه المناظر وتلوث الهواء. إننا نسمع صوت جين أوستن الموثق والموثوق به في مواساتها لفاني برايس Fanny Price التي كان عليها أن تقضي شهورا في لندن على غير رغبتها:
"لقد حزنت فاني Fanny لا فتقادها كل مباهج الربيع .. إنها لم تكن تعرف إلى أي مدى كانت تسببه لها بداية ظهور الأوراق واستمرارها في الاخضرار من بهجة وسرور، إلا بعد أن افتقدتها. يا للانتعاش الذي كان يحس به الجسد والروح عند مراقبة تقدم الربيع الذي لا يمكن - رغم نزواته وتقلباته - أن يكرهه المرء … انظر إلى جماله الذي يزداد رويدا رويدا من بداية ظهور وروده الباكرة في أكثر الأجزاء دفئا في حديقة خالتها إلى البراعم في مزرعة عمها وعظمة الأشجار وسموقها".
لقد كانت مثل هذه البيئة هي التي أضفت على روايات جين أوستن جوا منعشا من السلام والصحة والطبيعة - إنها بيئة تمثل المنزل المريح والحديقة ذات العبير والتجول في الأمسيات مع الأخوات السعيدات، وكلمات التشجيع التي كانت تسمعها من أبيها عن تصفح مخطوطات رواياتها، هذا كله جعل قراءها من النوع غير التعجل الذين كانوا راضين بهدوء عما يقرءون وقلما نجد قراء من هذا النوع لأي نوع من الروايات. لقد تعلمت أن النهار نفسه به ما يكفي من البركة.
لقد كتبت رواياتها الست وصبرت كثيرا على عدم نشرها. نفي سنة ١٧٩٥ - وكانت قد بلغت العشرين - ألفت أول أعمالها الشعور والإحساس لكنها لم تكن راضية عنه وفي العامين التاليين أنهت روايتها الكبرياء والكراهية وواصلت مراجعتها وتنقيحها وأرسلتها إلى الناشر وأعادها إليها لأنها لن تحقق ربحا. وفي سنة ١٧٩٨ - ١٧٩٩ وضعت التخطيط العام لرواية دير نورثانجر Northanger فاشترى كروسبي Crosby حق نشرها لكنه تركها - بعد أن دفع للمؤلفة - دون نشر. ثم مرت بها فترة غير مثمرة (بلا إنتاج) ربما كانت بسبب