للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للصحة. أفلا يجدر بهم أن يروا أن عدد المواطنين والمزارعين الشرفاء يفوق كثيراً عدد كل أنواع المجرمين في أي دولة … وأن ندرة الجرائم بالقياس إلى الأفعال البريئة أو الخيرة هي التي تلفت انتباهنا لها، وتبعث على تسجيلها في التاريخ، في حين تغفل أفعال شريفة سمحة مألوفة، تفوقها بما لا يقاس، لا لشيء إلا أنها عادية جداً؛ وما أشبه هذا بخطر جسيم واحد، أو شهر يقضي في المرض، فيصبح قصة تتردد كثيراً، خلال حياة طويلة من الصحة والسلامة".

ذلك عقل سليم!

[٦ - ديفيد هيوم]

١٧١١ - ١٧٧٦

أ- الفيلسوف الشاب

كان هتشسن جزءاً متواضعاً من حركة "التنوير الاسكتلندي"، أما هيوم فكان ألمع كواكبها. وهو يروي لنا في ترجمته الذاتية البسيطة، ذات الصفحات الست، أنه ولد بأدنبرة في ٢٦ أبريل ١٧١١، "لأسرة طيبة أباً وأما، فأسرة أبي فرع من إيرل Home أو Hume (١) وكانت أمي ابنة السر ديفد فوكنر عميد كلية الحقوق". ومات الأب في ١٧١٢، تاركاً ممتلكاته لشقيق ديفد الأكبر، جون هيوم، ولديفد دخلاً يبلغ ثمانين جنيهاً في السنة- يكفي لمعيشة متقشفة. أما الأسرة التي كانت كلها تدين بالمذهب المشيخي، فقد أشربت الصبي اللاهوت الكلفني اشراباً قوياً تخلّف على شكل الحتمية في فلسفة ديفد. كان في بكرة كل أحد يختلف إلى صلاة في الكنيسة تتصل ثلاث ساعات، منها ساعتان من الوعظ؛ ثم يعود عشية كل أحد إلى الكنيسة ساعة؛ يضاف إلى هذا صلوات الصباح في البيت (٧٢). ولم يكن مندوحة من أن ينتقض ديفد على هذا كله بالانحراف إلى الهرطقة ما دام فيه ذرة من صلابة الخلق.

وحين بلغ الثانية عشرة دخل جامعة أدنبرة. ثم تركها بعد ثلاث


(١) كان سليل لذلك الايرل رئيس وزراء لبريطانيا العظمى في ١٩٦٤. والاسم Home وكان ما زال يلفظ Hume " هيوم".