كان على نابليون أن يُدير قارة، لذا لم يكن لديه كثير من الوقت للموسيقي. إنَّه لمن الصعبِ أن نتصوَّره جالساً صامتاً يستمع إلى كونشرتو في مسرح فيدو Theatre-feydeau، ومع هذا فقد سمعنا عن كونشرتات concerts تُعرف في قصر التوليري وهناك من أكَّد لنا أنّه كان يستمتع علي نحوٍ ما بحفلات موسيقية يُحْيها عازِف واحد، كانت جوزيفين تقيمها في جناحها بالقصر. وعلى أيَّة حال فقد كان سِيَباسْتيان إيرار Sebastien Erard وإجْناز بلييل Ignaz pleyel يصنعون بيانوات pianos جميلة ولم يكن يخلو بيت من بيوت الطبقة الراقية من بيانو. ورتَّب كثيرون من المُضيفين سهرات موسيقية خاصّة حيث كان الضيوف - كما يقول الجونكورث Goncourts - يتكلَّفون الاستماع بينما هم في الحقيقة يُفَضِّلون الحوار الهامس أو المناجاة. فالألمان مآدبهم الموسيقي بلا كلمات، والفرنسيون يعيشون على كلمات بلا موسيقي.
وكان نابليون يُفَضِّل الأوبرا على الكونشرتات فلم يكن يستسيغ الغناء إلاَّ قليلاً ولم يكن صوتُه ليساعده على الغناء، لكن كان من متطلبات المظاهر الملكية ضرورة حضور الحاكم للأوبرا في المناسبات، ليراه الناس، وليتأمَّل. وقد أَسِف نابليون لأنّ:"باريس ينقصها .. دار أوبرا جديرة بمكانتها العالية كعاصمة للحضارة"، لكن اقتضى الأمر الانتظار حتى استطاع ابن أخيه وتشارلز جارنييه Garnier أن يُقيما في الفترة من ١٨٦١ إلى ١٨٧٥ الدَرّةَ المتلألئة التي كَلّلت شارع الأوبرا Avenue de l'Opera إلاَّ أنّ مئات الأعمال الأوبرالية جرى تأليفها وإخراجها أثناء فترة حكم نابليون، وأوبرا السّيدة الشقراء (لا دام بلانش La Dame blanche) التي وضعها فرنسوا أريان بويلديو Francois - adrien Boieldien سيّد الأوبرا الكوميدية (الهزْليّة) عُرِضت ألفَ مرة في أربعين عاماً.
وكانت طبيعة نابليون الإيطالية تميل أكثر للأوبرات الإيطالية بما تتميز به من ألحان شجية وحبكات