على تل منخفض طويل، على بعد ميل واحد في شمال البحر، كان يقوم في القرن الرابع عشر قبل الميلاد قصر تيرينز الحصين. ويستطيع الإنسان أن يصل إلى خرائب هذا القصر بعد رحلة ممتعة من أرجوس أو نوبليا Nsuplia، ومشهد هذه الخرائب تكاد تضيع معالمها بين حقول القمح والذرة الهادئة الساكنة. فإذا صعد السائح قليلاً فوق درجات حجرية باقية من أزمنة ما قبل التاريخ، وقف أمام الجدران الضخمة السيكلوبية التي بنيت كما تقول الرواية اليونانية للأمير الأرجوسي بروتوس Proetus قبل حرب طروادة بمائتي عام (١). ولقد كانت المدينة حتى في ذلك الزمن البعيد قديمة العهد فقد شادها كما تقول الرواية القديمة المأثورة البطل تيرينز بن أرجس Argus ذو المائة عين، والعالم لا يزال في طفولته (١٤). ةتضيف القصة إلى ذلك أن بروتيوس أهدى القصر إلى برسيوس الذي حكم تيرينز مع الملكة أندرمدا Andromeda الحمراء.
وكان ارتفاع الأسوار التي تحمي المدينة بين عشرين وخمسين قدماً، وقد بلغ من سمكها أن كانت تحتوي في بعض المواضع على معارض واسعة ذات قباب وعقود فيها قطع حجرية ضخمة مركبة بعضها فوق بعض في وضع أفقي.
(١) كان اليونانيون يصفون الصروح بأنها سيكلوبية إذا كانت حسب ما يتصوره خيالهم المولع بالأساطير لا يستطيع بناءها إلا المردة الجبابرة أمثال سيكلوبس (أي صاحب العين المستديرة) الأعور الذي كان يكدح بكيرهباستوس Hephaestus في براكين البحر الأبيض المتوسط. ثم أصبح هذا الاسم يطلق في هندسة البناء على الأحجار التي تشاد بلا ملاط والتي تنحت نحتاً غير متقن. ويملأ ما بينها بالحصى المخلوط بالطين. تضيف الرواية إلى هذا أن بوولوس قد جاء بالبنائين المشهورين المسمين سيكلوبس من لوسيا Lycia.