للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

محكمة الجنايات على مدى هذه السنين الكثيرة. أجل يا سيدي، أود لو أكره على الشغل في المزارع الكبيرة" (١٣٨).

على أن جونسن لم يكن محافظاً في حياته بقدر ما كان في آرائه. فكان يخرج في مرح على عشرات التقاليد في السلوك، والحديث، واللباس. ولم يكن متزمتاً؛ ضحك على البيورتان، وحبذ الرقص؛ ولعب الورق، والمسرح. ولكنه أدان قصة فيلدنج "توم جونسن، وصدمه أن يسمع أن حنه مور المحتشمة قرأتها (١٣٩). وكان يخشى النزعة الحسية في الأدب لأنه وجد مشقة في كبت خياله ودوافعه الحسية. وربما كان يخيل للناس من واقع عقائده أنه لم يستمتع بالحياة، ولكن في استطاعتنا أن نرى في بوزويل أنه استمتع بـ "ملء الوجود البشري". لقد حكم على الحياة بأنها مؤلمة حقيرة، ولكنه كمعظمنا طاولها ما استطاع، وواجه سنيه الأخيرة في كره غاضب.

[٦ - الخريف]

وفي عام ١٧٥٦ انتقل من الأنر تمبل إلى بيت ذي طوابق ثلاثة في رقم ٧ بجونسنز كورت بفليت ستريت، وكان قد أطلق عليه اسم ساكن قبله هناك وجده بوزويل بعد أن عاد من أوربا. وفي يوليو منحته جامعة دبلن درجة الدكتوراه الفخرية في القانون، فأصبح الآن لأول مرة "الدكتور جونسن"، ولكنه لم يلحق هذا اللقب باسمه قط (١٤٠).

وفي أكتوبر ١٧٦٥ أصدر، في مجلدات ثمانية، مسرحيات شكسبير التي تحمل تحقيقاته وتعليقاته، بعد أن انقضت ثمانية أعوام على الموعد الذي وعد به المكتتبين فيها. وقد جرؤ على بيان ما في مسرحيات الشاعر من أخطاء وسخافات وآراء طنانة صبيانية، ولامه لافتقاره إلى الهدف الأخلاقي، وذهب إلى أن شكسبير "ربما لم يخلف مسرحية واحدة لو عرضت الآن على أنها من تأليف معاصر لما استمع إليها جمهور النظارة إلى نهايتها" (١٤١). ولكنه امتدح الشاعر على تحكمه في عنصر الحب المشوق في الدرامات الكبرى، وعلى جعله كبار شخوصه ناساً لا أبطالاً، ودافع في قوة عن إهمال شكسبير لوحدتي الزمان والمكان، وذلك الإهمال الذي أخذه