للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٣ - الدين]

كانت الحكومة وأهل الفكر في إنجلترا قد وصلوا إلى اتفاق شرف (اتفاق يسري بمراعاة الشرف لا بقوة القانون) بخصوص الدين. فالهجوم الذي شنه الربوبيون deistic على العقيدة التقليدية orthodox لابد أن تخف وطأته مادام المتشككون في الدين (المسيحي) ليس لديهم ما يحل محل الدين لتحقيق السلام بين الناس وضبط سلوك الأفراد. لقد كان وليم جودوين William Godwin، وروبرت أوين Owen، وجيرمي بنثام وجيمس مل James Mill أمثلة حية لعدم الإيمان (بالمسيحية) لكنهم لم يقوموا بدعاية ضد الدين. وكان توم بين Paine استثناء منهم. وكانت الأرستقراطية الإنجليزية - التي وجدت في فولتير الشاب ما يجذبها - تراعي الآن حرمة السبت بوضوح.

لقد لاحظ مؤرخ حوليّ في سنة ١٧٩٨ دهشة الطبقات الدنيا في كل أنحاء إنجلترا لرؤيتها الطرق إلى الكنائس غاصّة بالعربات التي تجرها الخيول في أيام الآحاد. وفي سنة ١٨٣٨ لاحظ جون ستيوارت مِلْ:

"يوجد في العقل الإنجليزي سواء من ناحية التفكير والتأمل أو الممارسة بُعد صحّي على درجة عالية من البُعد عن التطرّف … لا تزعج الهدوء أو بتعبير آخر لا تغير ما هو مستقر Quieta non movere وكانت هذه هي العقيدة الأثيرة في تلك الأيام … وعلى هذا، ففي حالة عدم إثارة ضوضاء كثيرة حول الدين أو عدم تناوله بجدية شديدة فلم يكن لدى الناس حتى الفلاسفة مانع من تأييد الكنيسة باعتبارها حصناً ضد التعصّب ومسكناً للروح الدينية لمنعها من إفساد هارمونية harmony المجتمع (اتساقه) أو تعكير صَفْو الدولة. ووجد الإكيروس clergy أنهم حققوا صفقة طيبة بهذا الاتفاق والتزموا بشروطه بإخلاص.

لقد كانت الكنيسة من الناحية الرسمية هي الكنيسة المتحدة لإنجلترا وأيرلندا. ورغم أنها قبلت تسعاً وثلاثين مادة من العقيدة الكالفنيّة إلاّ أنها احتفظت بكثير من ملامح الطقوس الكاثوليكية. لقد كانت تضم رؤساء أساقفة وأساقفة لكنهم عادة ما كانوا يتزوجون، وكان تعيينهم يتم عن طريق التاج. وبشكل عام كان كبار ملاك الأراضي المحليون