لقد أدرك الإعياء غرب أوربا كلها، وأولها بروسيا، التي جند فيها الصبية ذوو الأربعة عشر ربيعاً، ودمرت المزارع، وأفلس التجار من جراء خنق التجارة، أما النمسا فكانت تملك من الرجال أكثر مما تملك من المال، وقد فقدت المعونة الروسية القيمة. وأما أسبانيا ففقدت هافانا، ومانيلا لاستيلاء الإنجليز عليهما، فضلاً عن تدمير بحريتها كلها تقريباً. وأما فرنسا فقد أفلست، وضاعت مستعمراتها، وأوشكت تجارتها أن تختفي من البحار. وأما إنجلترا فقد احتاجت إلى السلام لتدعم مغانمها.
وفي ٥ سبتمبر ١٧٦٢ أوفد بيوت دوق بدفورد إلى باريس ليفاوض شوازيل في تسوية للصراع. فإذا نزلت فرنسا عن كندا والهند فإن إنجلترا سترد جواديلوب المارتنيك، ولفرنسا أن تحتفظ، بموافقة بريطانيا، بإقليمي فردريك الغربيين، وهما فيزل وجلدرلاند (٦٦). وندد بت بهذه المقترحات ببلاغة ملتهبة، ولكن الرأي العام أيد بيوت، وفي ٥ نوفمبر وقعت إنجلترا والبرتغال مع فرنسا وأسبانيا صلح فونتنبلو. ونزلت فرنسا عن كندا، والهند، ومينورقة، وردت إنجلترا لفرنسا وأسبانيا فتوحها في البحر الكاريبي. ووعدت فرنسا بأن تلتزم الحياد مع بروسيا والنمسا، وأن تسحب جيوشها من الأراضي البروسية في غرب ألمانيا. وأكد هذه الترتيبات صلح آخر يسمى صلح باريس (١٠ فبراير ١٧٦٣)، ولكنه ترك لفرنسا حقوق صيدها قرب نيوفوندلند، وبعض المحطات التجارية في الهند، ونزلت أسبانيا عن فلوريدا لإنجلترا، ولكنها أخذت لويزيانا من فرنسا. وكانت هذه الترتيبات، من الناحية القانونية انتهاكاً لتعهد بريطانيا بألا تبرم صلحاً منفرداً، ولكنها من الناحية العملية كانت نعمة لفردريك. لأنها أعفته من جميع خصومه إلا اثنين، النمسا والرايش، وكان على ثقة الآن بأن في استطاعته أن يثبت لهذين العدوين الذين ثبطت همتهما.