للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التي كانت تسود تماثيل القرن السادس. وقد حذر لوشان الخطباء من أن يكون مسلكهم كمسلك هذه التماثيل العديمة الحياة. فلما أن نحت بيونيوس Paeonius من أهل مندي Mende المقدونية للمسينيين تمثال النصر بعد أن درس فن النحت في أثينة أظهر فيه من الرقة والرشاقة والجمال ما لم يظهره أحد غيره من الفنانين اليونان إلى عهد بركستيليز، وحتى بركستيليز نفسه لم يفقه في تمثيل طيات الثياب المنسدلة على الجسم أو في تمثيل نشوة هذه الحركة (١).

[٣ - فدياس]

كان فدياس وأعوانه بين عامي ٤٤٧، ٤٣٨ منهمكين في نحت تماثيل البرتنون وحفر نقوشه. وكما كان أفلاطون كاتباً مسرحياً قبل أن يصير فيلسوفاً مسرحياً، كذلك كان فدياس في أول الأمر مصوراً، تتلمذ بعض الوقت على بولجنوتس. ويلوح أنه أخذ عنه أساليب التصميم والتأليف بين الوحدات المختلفة والجمع بين الأشكال لإحداث الأثر الكلي للصورة. ولعله أخذ عنه أيضاً ذلك "النمط العظيم" الذي جعله أعظم مَثال في بلاد اليونان بأجمعها. ولكنه لم يجد في التصوير ما يشبع كفايته لأنه كان في حاجة إلى أبعاد أوسع، فاتجه إلى النحت، ولعله درس فن أجلاداس في صب البرونز وظل يمارسه في صبر وأناة حتى برع في كل فرع من فروعه.

وكان حين فرغ من نحت تمثال أثينة بارثنون في عام ٤٣٨ قد أصبح شيخاً طاعناً في السن، وشاهد ذلك أنه صور نفسه على درعه شيخاً أصلع طاف به طائف


(١) لقد ضمت أجزاء هذا التمثال بعد أن عثر عليها الألمان في أولمبيا عام ١٨٩٠، وهو الآن في متحف أولمبيا. ولا تكاد تقل عنه جمالاً تماثيل حور البحر التي عثر عليها من غير رؤوس بين أنقاض أحد الأبنية القديمة في زنثوس الليشية Lycian Xanthus وهي الآن في المتحف البريطاني. لقد نفذت الروح اليونانية إلى آسية غير اليونانية.