للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الحزن. ولم يكن أحد ينتظر منه أن ينحت بيديه مئات التماثيل التي امتلأ بها فضاء البارثنون، وإفريزه، وقواصره، وكان حسبه أن يشرف على جميع أبنية بركليز ويضع خطط ما يزينها من تماثيل، ثم يعهد إلى تلاميذه، وخاصةً إلى الكيمنيز، أن يقوموا هم بتنفيذها. على أنه هو نفسه قد نحت ثلاثة تماثيل لإلهة المدينة تقام في الأكربوليس. وقد كلفه بنحت واحد منها المستعمرون الأثينيون في لمنوس، وكان هذا التمثال من البرونز أكبر قليلاً من الحجم الطبيعي، وبلغ من دقته أن كان النقاد اليونان يعدون تمثال أثينة اللمنوسية أجمل تماثيل فدياس كلها بلا استثناء (١). وثاني هذه التمثيل تمثال أثينة يروماكوس، وهو تمثال برونزي ضخم يمثل الإلهة في صورة المدافعة الحربية عن المدينة. وقد أقيم بين البروبليا Propylaea والإركثيوم Erchtheum، وكان ارتفاعه هو وقاعدته سبعين قدماً، وكان دليلاً للملاحين وتحذيراً لأعداء المدينة (٢). وأشهر هذه التماثيل الثلاثة تمثال أثينة بارثنوس ويبلغ ارتفاعه ثماني أقدام وثلاثين قدماً، وكان مقاماً في داخل البارثنون ويمثل أثينة العذراء إلهة الحكمة والعفة. وكان فدياس يريد أن ينحت هذا التمثال الأخير من الرخام، ولكن الشعب أبى إلا أن يكون من العاج والذهب. فاستخدم الفنان العاج للأجزاء الظاهرة من الجسم كما استخدم أربعين وزنة (٢٥٤٥ رطلاً) من الذهب لصنع الثياب (٣٢)، ثم زينه بالمعادن الثمينة والنقوش المتقنة البديعة على الخوذة، والحذاءين، والدروع. وقد وضع هذا التمثال بحيث تقع أشعة الشمس مباشرة في يوم عيد أثينة على الثياب الجميلة وعلى وجه العذراء الشاحب بعد


(١) لم تبقى منه نسخةً صادقة.
(٢) وقد نقل هذا التمثال إلى القسطنطينية حوالي عام ٣٣٠ م، ويلوح أنه دمر في أثناء شغب قام فيها عام ١٢٠٣ (٣١).