للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

دخولها من أبواب المعبد العظيم (١).

ولم يكن إتمام هذا التمثال من أسباب سعادة فدياس، لأن بعض ما قدم له من الذهب والعاج لصنعه قد اختفى من مُحْتَرفه ولم تعرف أسباب اختفائه. وانتهز أعداء بركليز هذه الفرصة السانحة، فاتهموا فدياس بسرقة الذهب والعاج وأدانوه (٢). ولكن أهل أولمبيا شفعوا له وأدوا الكفالة المطلوبة منه وقدرها أربعون؟ وزنة على شريطة أن يذهب إلى أولمبيا ويصنع فيها تمثالاً من الذهب والعاج لمعبد زيوس (٣٤). وسرهم أن يقدموا له من العاج والذهب أكثر مما قدم له قبل. وبنوا له ولمساعديه مصنعاً خاصاً بجوار حرم الهيكل، وكلف أخوه بانينوس Panaenus أن يزين بالصور العرش الذي يجلس عليه التمثال وجدران الهيكل (٣٥). وإذ كان فدياس مولعاً بالضخامة، فقد جعل ارتفاع تمثال زيوس الجالس ستين قدماً، ولما أن وضع في مكانه في الهيكل شكا النقاد من أن الإله سيخترق سقفه إذا ما بدا له أن يقوم واقفا، ووضع فدياس على "جبيني" الإله الراعد "القائمين" و "غدائره المعطرة" تاجاً من الذهب في صورة أغصان شجر الزيتون وأوراقه. ووضع في يد الإله اليمنى تمثالاً للنصر صغيراً مصنوعاً من الذهب والعاج، وفي يده اليسرى صولجاناً مطعماً بالأحجار الكريمة، وألبسه ثوباً ذهبياً نقشت عليه الأزهار، ووضع في قدميه خفين من الذهب المصمت. أما عرشه فكان من الذهب، والأبنوس، والعاج. وكان عند قاعدته تماثيل صغيرة للنصر، لأبلو، وأرتميز، ونيوبي، ولصبيان من طيبة اختطفهم أبو الهول (٣٧). وكان الأثر الذي يبعثه في النفس هذا التمثال وتوابعه رائعاً قوياً


(١) لو أننا حكمنا على هذا التمثال من أنموذجي "لنورمانت Lenormant " و"فارفاكا Varvaka" المحفوظين في متحف أثينة لما عنينا كثيراً به. فأول هذين الأنموذجين ضخم منتفخ الوجه، وصدر الثاني تزحف عليه كثير من الأفاعي المقدسة.
(٢) حوالي ٤٣٨، وهذا التاريخ مشكوك فيه كثيراً، ومثل هذا يقال عن تتابع الحوادث في السنين الأخيرة من حياة فدياس.