للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب العاشر

[الكفاح في سبيل الحرية]

الفصل الأول

[مرثون]

يقول هيرودوت: "في أثناء حكم دارا وخشيارشاي وأرتخشر لاقت بلاد اليونان من الأهوال ما لم تلقه في العشرين جيلاً السابقة على هذا العهد" (١) وكان لا بد أن يلقى أهلها جزاء نمائهم وتقدمهم. ذلك أن انتشارهم في كل مكان لا بد أن يؤدي عاجلاً أو آجلاً إلى قيام النزاع بينهم وبين إحدى الدول العظمى. وإذ كان اليونان يتخذون البحر مطية لهم، فقد أنشأوا فيه طريقاً تجارياً يمتد من شاطئ أسبانيا الشرقي غرباً إلى أقصى ثغور البحر الأسود شرقاً. وأخذ الطريق المائي الأوربي - الذي يخترق بلاد اليونان وإيطاليا وصقلية - ينافس الطريق الشرقي البري والبحري - الذي يخترق الهند وفارس وفينيقية - ويفوقه في الأهمية على مر الأيام، ونشأ من هذه المنافسة نزاع شديد لم يخمد أواره قط كان لا بد أن يؤدي إلى ما أدى إليه كل نزاع سابق في تاريخ البشر، ألا وهو الحرب السافرة التي لم تكن معارك لادى Lade، ومرثون، وبلاتية، وهيميرا Hymera، وميكالي Mycale، ويوريمدون Eurymedon، وغرانيقوس، وإسوس، وأربيلا، وكاني، وزاما إلا حادثات منها صغيرة. وانتصر الأوربيون على الشرقيون في هذا الصراع لأسباب عدة، منها أن النقل البحري أقل نفقة من النقل البري،