البروتستنتي، ومن ثم كانوا-إلا في عاصمتهم المتكفلة-لا يزالون أسرى قيود اعصر الوسيط. وكانوا يعزون أنفسهم بكبرياء العرق ويقين الإيمان، دون أن يبلغ ذلك بعد مبلغ النزعة القومية الإقليمية، إنما كان اقتناعاً ضارياً بأنه بينما كان الغرب يورد نفسه موارد الهلاك بالعلم والثروة والوثنية والكفر، أقامت "روسيا المقدسة" وفية لمسيحية آباء الكنيسة الأولين، أقرب الأمم إلى قلب المسيح وأحبها إليه، وإليها سيؤول حكم العالم وافتداؤه، يوما ما.
[٣ - السياسة الروسية]
١٧٢٥ - ١٧٤١
ليس تاريخ روسيا ما بين بطرس الأكبر واليزابث بتروفنا إلا سجلاً كئيباً محيراً من الدسائس وثورات القصر. فهذه الحقبة تتيح لنا-إن كان لحقبة ما أن تتيح-ونحن مطمئنون-أن نوفر في الحيز والوقت. ومع ذلك فلا مناص من ذكر بعض عناصر هذا الخليط إن أردنا أن نفهم مركز كاترين الكبرى وخلقها وسلوكها.
كان الوريث الطبيعي للعرش عام ١٧٢٥ بيوتر ألكسيفتش، صبي العاشرة وابن ألكسيس (وألكسيس هو الابن القتيل لبطرس الأكبر)، ولكن أرملة بطرس التي لم تعرف القراءة والكتابة أقنعت حرس القصر (بدفعها رواتبهم التي طال تخلفها) بأنه عينها خلفاً له، وبفضل تأييدهم أعلنت (٧ فبراير ١٧٢٥) توليها العرش باسم كاترين الأولى، إمبراطورة إقليم روسيا كلها. ولكن كاترين الصغرى هذه انغمست بعد ذلك في الشراب والفسق. وكانت تحب الخمر حتى تغيب عن وعيها كل مساء، وتمضي إلى فراشها عادة في الخامسة صباحاً، وقد تركت زمام الحكم لعشيقها السابق الأمير الكسندر دانيلوفتش منشيكوف ومعه مجلس أعلى، -واضطلع الكونت أندراي أوسترمان، الألماني المولد، بالشئون الخارجية ووجه روسيا إلى مصادقة ألمانيا والنمس ومعاداة فرنسا. وعملاً بمخططات