الكافي، فانهارت قواه وأصبح على شفا الانهيار وبعد أن نطق بعبارة وداعا، لقد انتهت مهمة أوثيلو سقط بين ذراعي ابنه وهمس له: إنني أحتضر يا تشارلز تحدّث لهم نيابة عني فحملوه إلى بيته لترعاه زوجته التي كان قد هجرها ذات مرة، وبعد شهرين مات في ١٥ مايو ١٨٣٣ ولم يتجاوز السادسة والأربعين. لقد اختطف الموت أعظم الممثلين في التاريخ الإنجليزي - باستثناء جارِك - وهو في منتصف العمر.
[٨ - خلاصة]
الحق أن الحياة في إنجلترا كانت ناشطة مثمرة، والحق أيضاً أن الصورة لم تكن خالية من عيوب كثيرة، وهذا أمر طبيعي في الحياة. لقد اختفى صغار ملاك الأراضي من الطبقة الوسطى، وتعرضت البروليتاريا للاستعباد وخرّب القمار بيوتاً ودمّر ثروات، وكانت الحكومة قائمة على الامتيازات الطبقية، وكان هذا أمراً معلناً واضحاً، وكانت قلة قليلة من الرجال هي التي تشرّع لرجال آخرين ولكل النساء، ومع هذا ففي وسط الأخطاء والجرائم، كان العلم يتطوّر، وكانت الفلسفة تترعرع، وكان كونستابل يستوحي مناظر الريف الإنجليزي، وكان تيرنر Turner يقيّد الشمس ويثبّت العاصفة (المقصود يرسمهما) وكان وردزورث وكولردج Coleridge وبايرون وشيلي يقدمون لإنجلترا مهرجاناً من الشعر لا نظير له في أي مكان منذ إليزابيث الأولى.
وكان التمرد والاضطراب كقشرة خارجية إذ كان النظام والاستقرار هما العصب الأصيل الذي أتاح كثيرا من الحريات لم تكن متاحة في أي دولة أوروبية أخرى خلا فرنسا التي كان الإفراط في الحرية فيها مؤديا إلى الانتحار. لقد كانت حرية الحركة والانتقال والسفن مكفولة بغير قيود إلا في أوقات الحروب، وكانت حرية العبادة مكفولة فيما عدا التجديف على الله، وكانت حرية الصحافة مكفولة أيضاً فيما عدا الخيانة العظمى، وكانت حرية الرأي مكفولة فيما عدا الدفاع عن الثورة والتمرد فهذا على وفق لكل الشواهد والسوابق سيؤدي إلى عقد أو أكثر من الخطر حيث يختفي الأمن ومن الفوضى حيث يختفي القانون.
ولم يكن الرأي العام راقياً جدا فقد كان يتمسك بالمحاذير taboos البالية وغالبا ما كان