للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الفصل الثاني

العقائد (١)

من بين الأغراض التي يهدف لها الدين ان يكون سبيلاً إلى الحكم الأخلاقي، وليس من شأن المؤرخ أن يسأل هل هذا الدين أو ذاك حق أو باطل، وأنى له العلم المحيط بكل شيء والذي يوصله إلى هذه المعرفة؟ وإنما الذي يسأل عنه هو العوامل الاجتماعية والنفسانية التي أدت إلى قيام هذا الدين، وإلى أي حد أفلح في تحويل الوحوش إلى آدميين، والهمج إلى مواطنين صالحين، والصدور الفارغة إلى قلوب عامرة بالأمل والشجاعة، وعقول مطمئنة هادئة، وما مقدار ما تركه بعد ذلك من الحرية لتطور العقول البشرية، وما هو أثره في التاريخ؟

وترى اليهودية، والمسيحية، والإسلام أن أهم ما يحتاج إليه المجتمع السليم هو الإيمان بأن هذا الكون خاضع لحكم أخلاقي مسيطر على شؤونه-أي الإيمان بأنه مهما يكن في هذا الكون من شر، فإن عقلاً خيراً، يعجز الناس عن إدراك كنهه، يسيّر المسرحية الكونية إلى غاية عادلة نبيلة. والأديان الثلاثة التي أعانت على تكوين عقلية الناس في العصور الوسطى مجمعة كلها على أن هذه العقلية الكونية هي الله الواحد ذو الجلال. غير أن المسيحية قد أضافت إلى هذه العقيدة أن الله الواحد يظهر في ثلاثة أقانيم مختلفة، أما اليهودية والإسلام فتريان أن هذا الاعتقاد ليس إلا شركاً مقنعاً، وتعلنان وحدانية الله بأقوى الألفاظ وأشدها حماساً. وفي القرآن سورة خصصت كلها لهذا الغرض وهي السورة الثانية عشرة بعد المائة.


(١) سنذكر في هذا الفصل بعض الأحاديث النبوية لنوضح بها بعض آيات القرآن. ولن يفوتنا أن نشير في المتن أحياناً، وفي الهامش على الدوام، أنها أحاديث وليست آيات قرآنية. (المؤلف)