محمود، أما عن ملتن، وأديسن، وبوب، فقد أطلق لقلمه العنان، وأنشأ مقالات-من ستين صفحة واثنتين وأربعين ومائة واثنتين-تعد من اروع نماذج النقد الأدبي في الإنجليزية.
وقد تلون حكمه على ملتن بكراهيته للبيورتان وسياستهم وقتلهم للملك. وقرأ نثر ملتن كما قرأ شعره، ووصفه بأنه "جمهوري قاس فظ"(١٤٩). أما مقاله عن بوب (الذي بلغ في الطبعة الأصلية ٣٧٣ صفحة) فكان آخر، ضربة في الدفاع عن الأسلوب الكلاسيكي في الشعر الإنجليزي يضربها أعظم وريث لذلك الأسلوب في النثر الإنجليزي. لقد رأى، وهو الملك لناصية اليونانية أن ترجمة للألياذة تفضل هومر. وامتدح مرثية جراي، ولكنه رفض قصائده الغنائية لاكتظاظها في غير نظام بالأرباب الأسطوريين. وحين نشرت المجلدات العشر من "حياة الشعراء"(١٧٧٩ - ٨١)، صدمت بعض القراء أحكام جونسن التي كانت غير تقليدية ولكنها متعالية قاطعة، وعدم إحساسه بلطائف الشعر الرهيفة، وميله لتقدير الشعراء أو الحط من أقدارهم تبعاً للاتجاه الأخلاقي الذي تنحو إليه قصائدهم وحياتهم. وقد صرح ولبول بأن "الدكتور جونسن لا يملك ولا ريب من الذوق ولا السمع ولا معيار النقد إلا ميوله المغرضة العجائزية"(١٥٠). وسخر من "هذا الهيكل الثقيل القائم على طوالتين"، والذي يبدو أنه قرأ القدامى دون هدف إلا سرقة الألفاظ المتعدد المقاطع (١٥١). فلم إذن فاقت هذه "السير" في ذيوعها وشغف القراء بها أي ثمرة أخرى من ثمرات قلم جونسن؟ ربما السبب تلك الميول المغرضة والصراحة في الإعراب عنها. فلقد جعل النقد الأدبي قوة نابضة بالحياة، وأوشك أن يبعث الموتى من قبورهم بضرباته القاسية.
[٧ - الإفراج]
١٧٨١ - ١٧٨٤
نحن نحس بالفخر بيننا وبين أنفسنا حين يمتد بنا العمر بعد موت معاصرينا، ولكنا نعاقب بشعور الوحدة، وهكذا كان موت هنري ثريل (٤ أبريل ١٧٨١) البداية لنهاية جونسن. وقد قام بمهمته بصفته أحد أربعة كانوا منفذين لوصية صانع الجعة. ولكن زياراته لأسرة ثريل قلت بعد ذلك.