الدب الأكبر بل "برجاً للعبقرية والعلم"(١٤٥). ووصل المسافران إلى إدنبرة في ٩ نوفمبر، وبعد أن رحلا عنها بثلاثة وثمانين يوماً. فلما تذاكرا المشاق التي لقياها، "ضحكا من قلبيهما على هذيان أولئك الحالمين السخفاء الذين حاولوا إقناعنا بما تتيحه الحالة الطبيعية من منافع خداعة". "وغادر جونسن إدنبرة في ٢٢ نوفمبر، فبلغ لندن في السادسة والعشرين. وفي ١٧٧٥ نشر كتاب "رحلة إلى جزر إسكتلندة الغربية"، ولم يكن بالكتاب النابض بالحياة، حتى إذا قورن بالوصف المهذب، الذي أصدره بوزويل في ١٧٨٥ بعنوان "يوميات جولة في الهيبريد مع صموئيل جونسن"، وذلك لأن الفلسفة أقل إمتاعاً من الترجمة، ولكن في بعض الفقرات (١٤٦) جمالاً هادئاً يبدي لنا جونسن مرة أخرى رباً للنثر الإنجليزي.
وفي أبريل ١٧٧٥ اقتنعت أكسفورد أخيراً بمنح جونسن درجة الدكتوراه الفخرية في القانون المدني. وفي مارس ١٧٧٦ غير مسكنه لآخر مرة، فانتقل إلى المنزل رقم ٨ ببولت كورت مصطحباً معه أسرته المختلطة. ثم كتب إلى كبير أمناء الملك (١١ أبريل ١٧٧٦) في حالة نفسية غريبة من المرح يطلب شقة في قصر هامتن كورت فقال "أرجو ألا يكون الاعتكاف في أحد بيوت جلالته تجاوزاً في غير موضعه أو دون استحقاق لرجل شرف بالدفاع عن حكومة جلالته" (١٤٧). ورد كبير الأمناء آسفاً لكثرة عدد الطلاب.
وبقي إنجاز أخير للأديب. ذلك أن أربعين كتيباً لندنياً اشتركوا في إعداد طبعة متعددة الأجزاء موضوعها الشعراء الإنجليز، وطلبوا إلى جونسن أن يقدم لكل شاعر بترجمة له. وتركوا له تحديد شروطه، فطلب مائتي جنيه. قال مالون طلو أنه طلب ألفا أو حتى ألفا وخمسمائة من الجنيهات لما تردد الكتابيون في العطاء وهم العليمون بقيمة أسمه" (١٤٨). وكان جونسن قد فكر في كتابه "سير قصيرة"، وفاته أن من أصول الكتبة أن القلم الجاري، كالمادة في قانون نيوتن الأول، يواصل جريانه ما لم تكرهه على تغيير تلك الحالة قوى مفروضة عليه من الخارج. ولقد كتب عن صغار الشعراء بإيجاز