فقد عرض على جوته أن يرسل إليه عربة تقله إلى فايمار. ووافق جوته، ودبر أمره، وانتظر اليوم الموعود. ولكن العربة لم تأت. أفكان ذلك عبثاً وخديعة. وبعد أن قضى أياماً من التلبث المغيظ انطلق في رحلته إلى إيطاليا. ولكن العربة الموعودة لحقته في هيدلبرج، وقدم مبعوث الدوق التفسيرات والاعتذارات، فقبلها جوته. وفي ٧ نوفمبر ١٧٧٥ وصل إلى فايمار، وكان يومها في السادسة والعشرين، ممزقاً كعادته دائماً بين إله الغرام والقدر، تهفو نفسه إلى النساء ولكنه مصمم على أن يصير إنساناً عظيماً.
[٤ - هردر]
١٧٤٤ - ١٧٧٦
لم يمض شهر على وصول جوته إلى فايمار حتى أنهى إلى الدوق اقتراحاً مشفوعاً بموافقته الحارة، هو اقتراح فيلاند بأن تعرض على يوهان جوتفريد هردر وظيفة المشرف العام على اكليروس الدوقية ومدارسها. ووافق الدوق. أما هردر فقد ولد بمورنجن في بروسيا الشرقية (٢٥ أغسطس ١٧٤٤)، فهو من حيث الجغرافيا وضباب البلطيق قريب إيمانويل كانط. وكان أبوه معلماً فقيراً وقائد فرقة ترتيل تقوى النزعة، وهكذا كان للصبي أوفر نصيب من الشدائد. فمنذ كان في الخامسة كان يشكو ناسوراً في عينه اليمنى. واضطرته ضرورة المشاركة بعد قليل في موارد الأسرة إلى ترك المدرسة والاشتغال سكرتيراً وخادماً لسبستيان تريشو، الذي كان يكسب رزقاً طيباً بتأليف كتيبات في التقوى. وكان لديه مكتبة استوعبها يوهان. فلما بلغ الثامنة عشرة أرسل إلى كونجزبرج لإزالة الناسور ولدراسة الطب في الجامعة. على أن الجراحة أخفقت، وقلبت فصول التشريح معدة الشاب فانصرف عن الطب إلى اللاهوت.
وتصادق مع هامان الذي كان يعلمه الإنجليزية مستعملاً هاملت نصاً، وحفظ هردر المسرحية كلها تقريباً عن ظهر قلب. واختلفت إلى محاضرات كانط في الجغرافيا والفلك وفلسفة فولف. وبلغ من حب كانط له أنه أعفاه من الرسم الذي يحصل من الطلبة نظير حضورهم المحاضرات. وكسب هردر قوته بالترجمة وتدريس التلاميذ الخصوصيين، ثم قام بالتدريس في مدرسة