وهكذا مات الملك الطيّب ووقع عبء العناية بالدولة المريضة على عاتق ابنه فريدريك وليم الثالث في فترة شهدت فيها أوروبا توسعات نابليون، وجهود ميترنيخ Metternich النمساوي، وظل فريدريك الثالث يحمل هذا العبء حتى سنة ١٨٠٤. ويدهش الجميع لاستمراره في الحكم طوال هذه المدّة مع أنه كان ضعيف الإرادة رقيق المشاعر. لقد كان يتحلَّى بكل الفضائل التي يمكن أن تمكن المواطن الصالح من التطوير والعمل: تعاون، عدالة، رقة، تواضع، إخلاص لزوجته وحب للسلام. لقد حرر الأقنان serfs (عبيد الأرض) في الأراضي التي تمتلكها الأسرة المالكة. تزوّج في سنة ١٧٩٣ لويزا المكلنبورج ستريليز Louise (Luise) of Mecklenburg وهي في السابعة عشر من عمرها، جميلة وعاطفية ومخلصة ووطنية، وسرعان ما أصبحت محبوبة الشعب. وظلت المصدر الأساسي للسعادة التي غرق فيها متناسياً كل النكبات والكوارث.
لقد راح القرن الجديد يجلب له الأزمة تلو الأزمة. ففي سنة ١٨٠٣ استولى الفرنسيون على هانوفر التي كانت بروسيا قد ضمنت حيادها، فطالب الضباط الشبان في الجيش البروسي بقطع العلاقات - على الأقل - مع فرنسا، إن لم يكن الحرب. لكن فريدريك وليم عقد معها سلاماً. وأحكمت القوات الفرنسية قبضتها على مصب نهر الإلب Elbe ونهر فستر (وستر Wester) فأضرت - بفعلها هذا - بالتجارة البروسية، فتذرّع فريدريك بالصبر.
ودعت الملكة لويزا للحرب، وارتدت الزى العسكري الخاص بالفوْج العسكري الذي يحمل اسمها، وظهرت في عرض عسكري وهي تمتطي صهوة جواد، وراحت تبثُّ الحماس في الجيش الذي لا يُقهر. أما الأمير لويس فرديناند - ابن عم الملك - فكان يتطلع إلى فرصة لإظهار همته ونشاطه، أما دوق برونسفك (برونسويك Brunswick) العجوز فعرض أن يقود هو بنفسه الجيش البروسي.
أما الجنرال بلوشر (بلوخر) Blucher - الذي أصبح بعد ذلك بطلاً من واترلو - فقد أيده (أي أيد دوق برونسفيك). ومع هذا فقد راح فريدريك وليم يقاوم رغبات كل هؤلاء