يقول تاليران "لا يعرف لذة العيش من لم يعش حوالي سنة ١٧٨٠". بالطبع شريطة أن يكون من أبناء الطبقات العليا، وأن تكون مجرداً من أي ميول للفضيلة.
وتعريف الفضيلة صعب، فكل عصر يكيف تعريفه وفق طبعه وآثامه. وقد ظل الفرنسيون في القرون الطوال يخففون من وطأة الاقتصار على الزوجة الواحدة بالزنا، كما تخفف منها أمريكا اليوم بالطلاق. والرأي الغالي (الفرنسي) يجد الزنا المعتدل أقل إضراراً بالأسرة-أو بالأبناء على الأقل من الطلاق. على أية حال ازدهر الزنا في فرنسا القرن الثامن عشر، وكان الناس يغضون عنه عموماً. وآية ذلك أن ديدرو حين أراد في موسوعته أن يفرق بين "الارتباط" و"التعلق" ضرب هذا المثال: "أن الرجل يرتبط بزوجته، ولكنه يتعلق بخليلته (٢) ". ويقول معاصر لذلك الجيل "أن خمسة عشر نبيلاً من بين العشرين الذين تراهم في البلاط يعاشرون نساء لم يتزوجوهن (٣) ". وكانت الظفر بخليلة أمراً لا غنى عنه للمركز الاجتماعي كحيازة المال سواء بسواء. أما الحب فكان شهوانياً في غير مواربة: صوره بوشيه في صورة وردية، وخلع عليه فراجونار الأناقة والرشاقة، أما بوفون فقال في صراحة وحشية "ليس في الحب شيء طيب إلا الجسد (٤) ".