للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على أن الحب الأنبل كان يظهر هنا وهناك، حتى في "كريبيون" الابن (٥)، ومن جماعة الفلاسفة جرؤ هلفتيوس على الهيام بزوجته، وظل دالامبير وفياً لجولي دليسبيناس طوال تلميعات لحنها الذي أمتعها. وقد أضطلع جان-جاك روسو في هذا الجيل بإصلاح للأخلاق يدعو إليه رجل واحد. وهل نشيد كذلك بفضل روايات صموئيل رتشاردسن؟ وتحلت بعض النساء بالفضيلة على سبيل الموضة (٦) Fashion، ولكن بعضهن تقبلن في عرفان دعوة بعثت من مرقدها، دعوة العفة قبل الزواج، والوفاء بعده، منقذة لهن من هوان استخدامهن معابر لكل زير نساء، على أية حال لم يعد الاقتصار على الزوجة الواحدة شارة تخجل حاملها. فقد اكتشف الفاسقون من جديد بعد أن تزوجوا مباهج قديمة في الحياة الأسرية، وأنه خير للرجل أن يسبر أغوار الوحدة، من أن يظل طوال حياته يعبث بسطح التعدد والتنويع. واستقرت نسوة كثيرات بدأت حياتهن بنزق وطيش كأنهن سطوح لا عمق فيها-حين أنجبن، وأرضع بعضهن أطفالهن حتى قبل أن يحثهن على ذلك روسو، وكثيراً ما كان هؤلاء الأطفال يردون هذا الصنيع بعد أن ترعرعوا في ظل محبة الأم، باهتمام البنين بوالديهم. ومن أمثلة ذلك أن المرشالة دلكسنبورج أصبحت زوجة مثالية بعد شبابها المغامر، وأخلصت لزوجها وهي ترعى روسو في حنان كأنها أمه. وحين مات الكونت دموريا (١٧٨١) بعد أن خدم لويس الخامس عشر والسادس عشر وعانى آلام النفي الطويل فيما بين فترتي وزارته، ذكرت زوجته أنهما "أنفقا معاً خمسين عاماً دون أن يفترقا يوماً واحداً" (٧). ونحن نسمع الكثير جداً-والمؤلفان قد تكلما كثيراً جداً عن النساء اللاتي أفلحن في دخول التاريخ بفضل حنثهن بعهود الزواج، ولا نسمع إلا القليل جداً عن أولئك النسوة اللاتي امتنعن عن الخيانة حتى ولو خانهن رجالهن. مثال ذلك أن الآنسة كروزا، التي خطبت وهي في الثانية عشرة للرجل الذي أصبح فيما بعد الدوق دشوازيل، احتملت في صبر هيامه بأخته الطموح، ورافقته في منفاه؛ فأشاد بقداستها حتى ولبول "المرقع". ولم تفتر محبة الدوقة درشليو لزوجها طول خياناته الزوجية، وكانت شاكرة لأن القدر سمح لها بأن تموت بين ذراعيه (٨).