وقتاً للزواج، ولم يتسع له الوقت الكثير للحكم. فلم يحضر أي اجتماع الديت بعد ١٥٩٤، ورفض أن يوقع أوراقاً رسمية بعد ١٥٩٨ وفوض بالسلطة نواباً ذوي حظوة لديه، ولكن تعوزهم الكفاية. ولما تقدم به العمر انحدر عقله لا إلى درك الجنون، بل إلى حال من العزلة يشوبها الاكتئاب وطول التفكير ويلازمها خوف الاغتيال. فإنه رأي فيما يرى النائم-أو لعل تيكوبراهي قد طالع في النجوم (٤) -أن قاتله سيكون راهباً فانتهى به الأمر إلى الارتياب في رجال الدين الكاثوليك ولا سيما اليسوعيين (٥)، ثم أكرهته الضغوط الداخلية والخارجية على التخلي لأخيه الأصغر ماتياس في ١٦٠٨ عن حكم النمسا والمجر ومورافيا، وفي ١٦١١ عن عرش بوهيميا وكل ما بقي له من سلطات. ومات في ١٦١٢.
أما ماتياس فكان قد بلغ الخامسة والخمسين، بعد أن أقعدته الحملات الحربية عن الاستمتاع بالحكم النشيط. لذلك عهد بالحكم والسياسة جميعاً إلى ملشيور كليزل أسقف فيينا القدير الحي الضمير. ولكن كليزل أغضب الكاثوليك بما قدم للبروتستانت من تنازلات، وأغضب البروتستانت لأن هذه التنازلات كانت دون ما يبتغون. وأعتقل فرديناند، أرشيدوق استيريا، وابن عم ماتياس، الأسقف كليزل (١٦١٨)، وظفر بانتخابه إمبراطوراً عقب موت ماتياس (١٦١٩). وهنا كانت هرمجدون قد اندلع لهيبها.
[٢ - الإمبراطورية]
لم تكن سويسرا جزءاً من الإمبراطورية إلا صورياً، وتركت الانتصارات المؤزرة التي أحرزتها البلاد على الأباطرة وكبار الأدواق، والولايات السويسرية (الكانتونات) حرة في التناحر فيما بينها. فانضمت سافوي وأسبانيا إلى الولايات الكاثوليكية التي تزعمتها لوسرن، في جهود دبلوماسية أو حربية لإرجاع الولايات البروتستانتية إلى حظيرة الكنيسة الرومانية. وبدأ اليسوعيون