للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى الرغم من ذلك وضع كتابه في عداد الكتب المحظورة. ولمدة نصف قرن من الزمان فاق كتابه مقلات "مونتيني" انتشاراً وشعبية. وطبع كتاب "محاورات " الحكمة خمساً وثلاثين مرة في فرنسا فيما بين عامي ١٦٠١ - ١٦٧٢. وفي القرن الثامن عشر كان أثر شارون أقوى من أثر أستاذه. ولكن نفس العرض المنظم الذي جذب القرن السابع عشر الكلاسيكي، بدأ في أعين القرن التاسع عشر وعظاً كئيباً مدرسياً، وضاع شارون وسط ما اكتشف من جديد، من تألق وبهجة في مونتيني.

[٢ - جيوردانو برونو]

١٥٤٨ - ١٦٠٠

كان كوبرنيكس قد وسع الكون. فمن ذا الذي مكن أن "يوسع الله" اليوم ويعيد التعبير عن الألوهية في لغة جديدة بهذه المجموعات من النجوم الهادئة التي لا يحصى عددها؟ أ، برونو حاول هذا.

ولد برونو في نولا على بعد ١٦ ميلاً إلى الشرق من نابلي. وعمد باسم فلبو، وغير اسمه إلى جيوردانو عندما كان في سن السابعة عشر، دخل دير الدومنيكان في نابلي. وفيه وجد مكتبة عظيمة غنية، لا بكتب اللاهوت فحسب، بل كذلك بالكتب اليونانية واللاتينية القديمة، عن أفلاطون وأرسطو، بل حتى عن مؤلفين عرب وعبرانيين كانت قد ترجمت إلى اللاتينية. وتعلقت طبيعته الشاعرية على الفرو بالأساطير الوثنية التي رسخت في فكره لوقت طويل بعد تبخر اللاهوت المسيحي. وافتتن بمذهب ديمقريتس الذي تابعه أبيقور، وبسطه كوبرنيكس في صورة رائعة. وقرأ كتب المفكرين المسلمين ابن سينا وابن رشد، والفيلسوف اليهودي ابن جابيرول. وتسرب إلى نفسه شيء من التصوف العبراني، مختلطاً بأفكار ديونسيوس الزائفة وأفكار برناردينو تلزيو عن اتحاد الأضداد في الطبيعة وفي الله،