اللاهوت الذي حاولوا بثه، ولكن يجب أن نحترم إنسانيتهم وإخلاصهم، ولو لمجرد كونهما النقيض المؤسف لقسوة المستعمرين والمسيحيين وجشعهم، هؤلاء الصيادين الجلابين للرقيق، الذين شكوا من أن نشاط المبشرين الإنساني يحول دون تحضير الهنود.
[٤ - أيام إيطاليا ولياليها]
كتب مونتيني حين رأى أهل روما عام ١٥٨١ «إنهم يبدون أقل تديناً من أهل المدن الصالحة في فرنسا، ولكنهم أكثر ولعاً بالمراسم والطقوس (٥٤)» وكانت احتفالات أسبوع الآلام تشمل مواكب من أفراد يجلدون انفسهم حتى تسيل دماؤهم، وإذاعة قرارات الحرم البابوي، وعرضاً للقناع الذي مسحت به فيرونيكا العرق من جبين المسيح. «رأيت في عشية القيامة بكنيسة القديس يوحنا لاتيران رأس القديسين بولس وبطرس، المعروضين هناك، والمحتفظين بلحمهما، وجلدهما، ولحيتهما، كأنهما حيان (٥٥). وكان إخراج الأرواح النجسة يمارس بطقوس شديدة الوقع في النفوس، ربما كضرب من العلاج النفسي الجماعي. ولقد تجاهلت الكاثوليكية في إيطاليا عن عمد عقول الصفوة من الناس وقدمت لجماهير الشعب ناموساً خلقياً خيراً ولكن غير مرحب به، لف في الشعر والدراما والرمزية والتنفيس والرجاء.
وشهد مونتيني بتحسن عام في أخلاق الناس، ولكن ما زالت العلاقات بين الجنسين يشوبها كثير من التراخي القديم. فقد بلغ من خلاعة المسرح الإيطالي سواء في الحركة أو الحوار أن مجلس شيوخ البندقية طرد جميع الممثلين من أراضيه (١٥٧٧)(٥٦) مع أنه كان يغضي عن البغاء. وكان الأدب الفاجر يشترى في أي مدينة كبيرة كما هي الحال اليوم في أي مكان تقريباً من العالم المسيحي. وحين اعتبر البابا بيوس الخامس اللواط جريمة كبرى جزع للقرار شباب روما من النبلاء. وقد دخل ثمانية لواطيين