ثلاث نزعات امتزجت في الفلسفة اليونانية: النزعة الطبيعية (الفيزيقية) والنزعة الميتافيزيقة، والنزعة الأخلاقية. ووصلت النزعة الطبيعية إلى غايتها في أرسطو والميتافيزيقية في أفلاطون، والأخلاقية في زينون القتيومي؛ وانتهى تطور النزعة الطبيعية بفصل العلم عن الفلسفة على يد أركميديز، وهبارخوس، وانتهت النزعة الميتافيزيقية بتشكك بيرون Pyrrho والمجمع المتأخر، وبقيت النزعة الأخلاقية حتى غلبت المسيحية على الأبيقورية والرواقية أو اندمجتا فيها.
الفصل الأوَّل
[هجوم المتشككة]
لقد احتفظت أثينة في هذه الثقافة الهلنستية- وكانت هي أم الكثير، وسيدة الجزء الأكبر، منها- احتفظت فيها بمكان الزعامة في ميدانين: التمثيل والفلسفة. ولم يكن العالم منهمكاً في الحروب والثورات، والعلوم الجديدة والأديان الجديدة، وحب المال والجري وراء المال، لم يكن منهمكاً في هذا كله إلى حد لا يستطيع معه أن يجد بعض الوقت ينفقه في المشاكل التي لا يجد لها جواباً، ولكنها لا تنفك تواجَه فلا يستطيع منه فراراً، مسائل الخطأ والصواب، والمادة، والعقل، والحرية والضرورة، والنبل والخسة، والحياة والموت. وقدم الشبان من جميع مدن البحر الأبيض المتوسط، وكثير