ما كانوا يلاقون أشد الصعاب وهم قادمون، ليدرسوا في الأبهاء والحدائق التي خلفها أفلاطون وأرسطو آثاراً لهما خالدة من بعدهما.
وواصل ثاوفراسطوس اللسيوسي المجد النشط في اللوقيين تقاليد الطريقة الأختبارية. لقد كان المشاءون علماء وباحثين أكثر منهم فلاسفة، وهبوا حياتهم للبحث المتخصص في علوم الحيوان والنبات، والسير، وتاريخ العلوم، والفلسفة، والأدب، والقانون. وارتاد ثاوفراسطوس في أثناء زعامته العلمية التي دامت أربعاً وثلاثين سنة (٣٢٢ - ٢٨٨) ميادين علمية كثيرة، ونشر بحوثه في أربعمائة مجلد تكاد تعالج كل موضوع من الحب إلى الحرب. وقد شدد النكير على النساء في رسالته "في الزواج"، فردت علمية لينتيوم حظية أبيقور برسالة غزيرة المادة، شديدة الوقع عليهِ، فندت فيها أراءه (١). ومع هذا فإن ثنيوس يعزو إلى ثاوفراسطوس ذلك القول الدال على رقعة العاطفة:"إن التواضع هو الذي يجعل الجمال جميلاً (٢) " ويصفه ديجين ليرتس بأنه "من أحب الناس للخير ومن أكثرهم ظرفاً". وقد بلغ من فصاحته أن نسي الناس اسمه الأول فلم يذكروه إلا بالاسم الذي أطلقه عليه أرسطو والذي يعني أنه يتكلم كما تتكلم الآلهة؛ وقد بلغ من حب الناس إياه أن ألفين من الطلاب كانوا يهرعون إلى سماع محاضراته، وكان مناندر من أخلص أتباعه (٣). وقد عني الناس من بعده أشد العناية بالاحتفاظ بكتابه في "الأخلاق"، ولم يكن احتفاظهم به لأنه أوجد طرازاً جديداً في الأدب، بل لأنه سخر أشد السخرية من الأخطاء التي يعزوها الناس جميعاً لغيرهم من الناس. فهنا الرجل الثرثار الذي يبدأ بمدح زوجته، ثم يروي الرؤيا التي نراها في الليلة السابقة، ويعدد أصناف الأطعمة التي تناولها في العشاء صنفاً صنفاً؛ ثم يختم حديثه بقولهِ "إننا لم نعد كما كنا" من قبل الأيام الخالية. وهنا الرجل الغبي الذي