للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثامن

[سينا]

وكانت سينا خليقة بأن تتحدى ادعاء فلورنس بأنها مهد النهضة. ففيها أيضا رفعت حدة الانقسامات الحزبية من حرارة التفكير، وغذى زهو المدينة باستقلالها شجرة الفن، وأمدت صناعة الصوف وصادرات المدينة إلى البلاد الواقعة في شرق البحر المتوسط، والتجارة المتبادلة بين فلورنس وروما مارة بطريق فلامينا Via Flamina، بقدر لا بأس به من الثراء فلم يحل عام ١٤٠٠ حتى كانت ميادينها وشوارعها الرئيسية مرصوفة بالآجر أو الحجارة، وحتى بلغ فقراؤها من الثراء درجة شجعتهم على القيام بثورة، ذلك أن العمال في صناعة الخشب حاصروا القصر العام Palazza Pubblico في عام ١٣٧١، وحطوا أبوابه، وطردوا منه حكومة رجال الأعمال، وأنشئوا حكومة الفقراء ولم تمض على قيام هذه الحكومة إلا بضعة أيام حتى قام جيش مؤلف من ألفي رجل جهزه ذوو المصالح التجارية في المدينة، فهاجم أحياء العمال، وذبح من فيها من الرجال والنساء، والأطفال، دون تمييز أو رحمة، فمنهم من أنفذت في أجسادهم الحراب، ومنهم من مزقت بالسيوف. وخف الأشراف ورجال الطبقة الوسطى-الدنيا لإنقاذ العامة، وقضى على الثورة المضادة، وتولت حكومة الاصلاح مقاليد الأمور، فوهبت المدينة أشرف نوع من الإدارة يستطيع أهلها أن يتذكروه. ثم ثار التجار الأغنياء مرة أخرى في عام ١٣٨٥، وأسقطوا حكومة الفقراء، وطردوا أربعة آلاف من