إلى أخلاقه اكثر مما يرجع إلى نفسه، ولكنه حتى لو خلا من ما يجافى الخلق الكريم لكان مع ذلك خليقا بالبقاء. وليس في بناء الكتاب شئ من النقص- وهو يسمو من هذه الناحية على كتاب قصص كنتربري. وقد ارتفع نثره بالأدب الإيطالي إلى مستوى لم يسم عليه قط، وهو نثر قد يكون في بعض الأحيان معقداً أو مزخرفاً، ولكنه في معظمها بليغ، جذل، لاذع، مطرب، صاف صفاء النبع الجبلي. إنه كتاب في حب الحياة، وقد استطاع بوكاتشيو في غمرة أكبر كارثة حلت بإيطاليا في مدى ثمانين عاما أن يجد في نفسه من الشجاعة ما يستطيع به أن يرى الجمال، والفكاهة، والطيبة، والمرح لا تزال تمشي على الأرض، وتراه في بعض الأحيان ساخراً كما تبين ذلك في هجوه الخالي من الشهامة للنساء في الكرباتشيو Corbaccio، لكنه كان في ديكمرون شبيها بربليه في ضحكه العالي ومرحه، يتقبل ما تعطيه الحياة إياه وما تأخذه منه، ويرضى منها ومن الحب بمتاعبها وسقطاتهما. ولقد شهد العالم نَفْسه مصورا في الكتاب رغم ما فيه من مغالاة ومن صور هزلية. ولقد ترجم إلى جميع اللغات الأوربية، ونقل هانز ساكس Hans sachs ولسنج Lessing، ومليير Moli?re ولافنتين La Fontaine، وتشوسر Chaucer، وشكسبير نقل هؤلاء كلهم صحفا منع أعجبوا بها كل الإعجاب. وسيظل الكتاب متعة للقراء بعد أن يكون جميع شعر بترارك قد انطوى في عالم الكتب التي يمدحها الناس ولا يقبلون على قراءتها.