شرح رحالة إنجليزي زار إرلندة في ١٧٦٤ أسباب جنوح الفقراء إلى الإجرام فقال:"أي خوف من العدالة أو العقاب يمكن توقعه من فلاح إرلندي يتردى في حال من التعاسة والفقر المدقع، حال لو أن أول رجل صادفه ضربه على أم رأسه وأراحه إلى الأبد من حياته البائسة الضنكة لحق له أن يحسبه عملاً جديراً بالثناء؛ … واحتمال الكثيرين منهم … لحالتهم المزرية بصبر دليل كاف لدي على ما في طبعهم من لطف فطري"(١).
ولك يكن ملاك الأرض-ومعظمهم من البروتستانت-هم الظلمة المباشرين للفلاحين-ومعظمهم من الكاثوليك-ولا أشدهم ضراوة، فالملاك كانوا يعيشون عادة في إنجلترا لا يرون الدم الذي لطخ الإيجارات التي يبتزها الوسطاء الذين يؤجرون لهم أرضهم؛ والوسطاء هم الذين استنزفوا كل درهم استطاعوا ابتزازه من الفلاحين، حتى اضطر هؤلاء إلى أن يكتفوا في غذائهم بالبطاطس وفي لباسهم بالأسمال.
وفي ١٧٥٨، سمح لإيرلندة خمس سنين بتصدير الماشية إلى بريطانيا لأن المرض كان يفتك بالماشية في إنجلترا. فتحولت أفدنة كثيرة في إيرلندة-بما فيها الأرض المشاع التي كان المزارعون المقيمون يستعملونها من قبل-من الزراعة إلى رعي الأغنام أو الماشية، فازداد الأغنياء غنى والفقراء فقراً. ثم أضافوا إلى مشكلاتهم بالزواج المبكر-"عند أول ميسرة" كما